2137 حكم من قطع أصبع آخر عمدا افسأل القود أقيد له من حينه وتفصيل ذلك ودليله
أن يفعلها قصاصا على ما قدمنا قبل ، و هذا أيضا مندوب إلى العفو عن كل ذلك و عن بعضها فأي حقه فعل فذلك له وأي حقه ترك فذلك له ، و قال الشافعي : له أن يقطع ذراعه و يخيفه على أن يقتله و اما على أن لا يقتله فلا قال أبو محمد رحمه الله : و هذا خطأ لانه تخصيص لا برهان له به ، فان قال في ذلك تعذيب له قلنا : نعم فكان ماذا ؟ و إذا أباح له تعذيبه فاتى ببعض ما أبيح له و عفا عن البعض فقد أحسن في كل ذلك و لم يتعد و ما وجدنا الله تعالى قط ألزم استيفاء الحق كله و منع من العفو عن بعضه ، بل قد صح النص بخلاف قول الشافعي جملة و هو فعل رسول الله صلى الله عليه و سلم بالعرنيين اذ قطع أيديهم و أرجلهم و سمل أعينهم قصاصا بما فعلوا بالرعاء و تركهم بالحرة يستسقون فلا يسقون حتى ماتوا ، و قد قال الله تعالى : ( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة ) و قد ذكرنا هذا الحديث باسناده فيما سلف من كتابنا هذا فأغنى عن ترداده ، و أبطلنا قول من قال كاذبا ان هذا كان من رسول الله صلى الله عليه و سلم اذ كانت المثلة مباحة و بالله تعالى التوفيق 2137 - مسألة - قال أبو محمد رضي الله عنه : من قطع أصبع آخر عمدا فسأل القود أقدنا له من حينه على ما ذكرنا قبل فان تأكلت اليد فذهبت و برئ فله القود من اليد لانها تلفت بعدوان و ظلم ، و كذلك لو جرحه موضحة عمدا فذهبت منها عيناه اقتص له من الموضحة و من العينين معا ، و هكذا في كل شيء فلو مات منها قتل به لان كل ذلك تولد من جناية عدوان ، و قال الشافعي : اما تعجيل القصاص من الاصبع و الموضحة فنعم فان مات بعد ذلك فالقود في النفس واجب أيضا و أما ذهاب العينين و اليد فقط فانما في ذلك الدية فقط ، قال أبو محمد رحمه الله : و هذا خطأ و مناقضة ظاهرة و لا فرق بين ما تولد عن جنايته من ذهاب نفس أو ذهاب عضو اذ لم يفرق بين شيء من ذلك نص قرآن و لا سنة و لا إجماع و لا نظر و لا قياس و لا قول صاحب ، فلو أن المجني عليه قطع كف نفسه ، خوف سرى الاكلة فلا ضمان على الجاني لان ذهاب اليد كان باختيار قاطعها لا من فعله و لعلها لو تركها تبرأ فلو قطع إنسان أنملة لها طرفان فان قطع كل طرف في أصله قطع من يده أنملتان كذلك فلو قطع في الاصبع قبل افتراق الانملتين قطع له من ذلك الموضع فقط و لا مزيد و لا أرش له في الانملة الثانية لان الله تعالى يقول : ( فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم ) فالواجب أن يوضع منه الحديد حيث وضع و يذاق من الالم ما أذاق و لا مزيد قال الله تعالى : ( و لا تعتدوا إن الله لا يجب المعتدين ) و قال الشافعي : له في الاصبع القود و له في الاصبع الزائدة حكومة قال أبو محمد رحمه الله : الحكومة