بيان أن ما تقدم من الآثار والاحاديث لايدل للخصم على ماادعاه وتفصيل ذلك
قال أبو محمد : هذا كل ما حضرنا ذكره من الاخبار و ليس في شيء منها حجة أصلا ، اما حديث مالك بن الدخشن فصحيح و هو أعظم حجة عليهم لان رسول الله صلى الله عليه و آله أخبر بأن شهادة التوحيد تمتع صاحبها و هكذا قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " نهيا عن قتال المصلين " و أما حديث بريدة الاسلمي " لا تقولوا للمنافق سيدا " فان هذا عموما لجميع الامة و لا يخفى هذا على أحد و اذ الامر كذلك فإذا عرفنا المنافق و نهينا أن نسميه سيدا فليس منافقا بل مجاهر ، و إذا عرفنا من المنافق و نحن لا نعلم الغيب و لا ما في ضميره فهو معلن لا مسر ، و قد يكون هذا الحديث أيضا على وجه آخر و هو ان النبي عليه السلام قد صح عنه أن خصلا من كن فيه كان منافقا خالصا و قد ذكرناها قبل ، و ليس هذا نفاق الكفر لكنه منافق لاظهاره خلاف ما يضمره في هذه الخلال المذكورة في كذبه ، و غدره . و فجوره . و أخلاقه . و خيانته و من هذه صفاته فلا يجوز أن يسمى سيدا و من سماه سيدا فقد أسخط الله تعالى باخبار رسول الله صلى الله عليه و سلم بذلك و أما حديث ابن مسعود فان القائل أن رسول الله صلى الله عليه و سلم لم يعدل و لا أراد وجه الله تعالى فما عمل فهو كافر معلن بلا شك ، و كذلك القائل في حديث جابر اذ استأذن عمر في قتله اذ قال : أعدل يا رسول الله فنهى رسول الله صلى الله عليه و سلم عمر عن ذلك و أخبر بأنه لا يقتل أصحابه و كذلك أيضا في استئذان عمر في قتل عبد الله بن أبي أن هؤلاء صاروا بإظهارهم الاسلام بعد أن قالوا ما قالوا : حرمت دماؤهم و صاروا بذلك من جملة أصحابه عليه السلام قال أبو محمد : فهذا ما احتج به من رأى أن المرتد لا يقتل أصلا لان هؤلاء مرتدون بلا شك و لم يقتلهم رسول الله صلى الله عليه و سلم و قد قتل أصحابه الفضلاء كماعز و الغامدية و الجهينية اذ وجب القتل عليهم و لو كان القتل على هؤلاء المرتدين لما ضيع ذلك أصلا قال أبو محمد : فنقول و بالله تعالى التوفيق انه لا خلاف بين أحد من الامة في أنه لا يحل لمسلم ان يسمى كافرا معلنا بأنه صاحب رسول الله صلى الله عليه و سلم و لا أنه من أصحاب النبي عليه السلام و هو عليه السلام قد أثنى على أصحابه فصح انهم أظهروا الاسلام فحرمت بذلك دماؤهم في ظاهر الامر و باطنهم إلى الله تعالى في صدق أو كذب فان كانوا صادقين في توبتهم فهم أصحابه حقا عند الناس ظاهرهم و عند الله تعالى باطنهم و ظاهرهم فهم الذين أخبر رسول الله صلى اله عليه و سلم انهم لو أنفق أحدنا مثل أحد ذهبا ما بلغ نصيف مد أحدهم و ان كانوا كاذبين فهم في الظاهر مسلمون و عند الله تعالى كفار ، و هكذا القول في حديث