بيان ان المعاصى تنقسم الى مافيها نص بحد محدود أم لا وذكرها مفصلة
التي بها وجب أن يكون محاربا و أن يكون له حكم المحارب فنظرنا في جميع المعاصي من الزنا . و القذف . و السرقة . و الغصب . و السحر . و الظلم . و شرب الخمر . و المحرمات . أو أكلها . و الفرار من الزحف . و الزنا . و غير ذلك فوجدنا جميع هذه المعاصي ليس منها شيء جاء نص أو إجماع في أنه محارب فبطل ان يكون فاعل شيء منها محاربا ، و أيضا فان جميع المعاصي التي ذكرنا و التي لم نذكر لا تخلو من أحد وجهين لا ثالث لها ، إما أن يكون فيها نص بحد محدود أو لا يكون فيها نص بحد محدود فالتي فيها النص بحد محدود فهي الردة . و الزنا . و القذف . و الخمر . و السرقة . و جحد للعارية و ليس لشيء منها الحكم المذكور في الآية في المحارب فبطل أن يكون شيء من هذه المعاصي محاربة و هذا أيضا إجماع متيقن ، و اما ما ليس فيه من الله تعالى حد محدود لا في القرآن و لا على لسان رسول الله صلى الله عليه و سلم فلا يحل لاحد أن يلحقها بحد المحاربة فيكون شارعا في الدين ما لم يأذن به الله تعالى و هذا لا يحل بل قد قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " إن دماءكم و أموالكم و أعراضكم و أبشاركم عليكم حرام " فوجب يقينا أن لا يستباح دم أحد . و لا بشرته . و لا ماله . و لا عرضه الا بنص وارد فيه بعينه من قرآن أو سنة عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أو إجماع متيقن من الصحابة رضي الله عنهم راجع إلى توقيف رسول الله صلى الله عليه و آله فبطل أن يكون شيء من المعاصي المذكورة هي المحاربة فاذ لا شك في هذا فلم يبق الا قاطع الطريق و الباغي فهما جميعا مقاتلان و المقاتلة هي المحاربة في اللغة فنظرنا في ذلك فوجدنا الباغي قد ورد فيه النص بأن يقاتل حتى يفئ فقط فيصلح بينه و بين المبغي عليه فخرج الباغي عن أن يكون له حكم المحاربين فلم يبق الا قاطع الطريق و مخيف السبيل فهذا مفسد في الارض بيقين ، و قد قال جمهور الناس أنه هو المحارب المذكور في الآية و لم يبق غيره و قد بطل كما قدمنا أن يكون كافرا و لم يقل أحد من أهل الاسلام في أحد من أهل المعاصي أنه المحارب المذكور في الآية الا قاطع الطريق المخيف فيها أو في اللص فصح أن مخيف السبيل المفسد فيها هو المحارب المذكور في الآية بلا شك و بقي أمر اللص فنظرنا فيه بعون الله تعالى فوجدناه ان دخل مستخفيا ليسرق . أو ليزني . أو ليقتل ففعل شيئا من ذلك مختفيا فانما هو سارق عليه ما على السارق لا ما على المحارب بلا خلاف أو انما هو زان فعليه ما على الزاني لا ما على المحارب بلا خلاف أو انما هو قاتل فعليه ما على القاتل بنص القرآن و السنة فيمن قتل عمدا و ان كان قد خالف في هذا قوم خلافا لا تقوم به حجة فان اشتهر أمره ففر و أخذ فليس محاربا لانه لم يحارب أحدا و انما هو