شرح المحلی جلد 11
لطفا منتظر باشید ...
سرق مالهما أو قطع عليهما الطريق فيسقط عنه حد السرقة بذلك . وحد المحاربة ، و المفرق بين القذف و بين ما ذكرنا متحكم في الدين بلا دليل و ان كان الحد في القذف من حقوق الناس فعفو الناس عن حقوقهم جائز ، فنظرنا في قول مالك فوجدناه ظاهر التناقض لانه ان كان حد القذف عنده من حقوق الله تعالى فلا يجوز عفو المقذوف أراد سترا أو لم يرد لان الله تعالى لم يجعل له إسقاط حد من حدود الله تعالى و ان كان من حقوق الناس فالعفو جائز لكل أحد في حقه أراد سترا أو لم يرد و يقال لمن نصر هذا القول الظاهر الخطأ : ما الفرق بين هذا و بين من عفا عن الزاني بأمته و هو يريد تسترا على نفسه خوف أن يقيم الواطي لها بينة بأنها له غصبها منه الذي هي بيده الآن ؟ و بين من عفا عن سارق متاعه و هو يريد سترا على نفسه خوف أن يقيم الذي سرقه منه بينة عدل بأن الذي كان بيده سرقه منه و أنه مال من مال هذا الذي سرقه آخر فهل بين شيء من هذا كله فرق ؟ هذا ما لا يعرف أصلا فسقط هذا القول جملة لتناقضه و لتعريه من الادلة و لانه قول لا يعرف عن أحد من الصحابة رضي الله عنهم و لا عن أحد من التابعين ، ثم نظرنا في قول أبي حنيفة فوجدناه قد تناقض لانه جعله من حقوق الله تعالى و لم يجز العفو عنه أصلا فأصاب في ذلك ثم تناقض مناقضة ظاهرة فقال لا حد على القاذف الا أن يطالبه المقذوف فجعله بهذا القول من حقوق المقذوف و أسقطه بأن لم يطلبه و هذا تخليط ظاهر قال أبو محمد رحمه الله : و هذا لا حجة لهم فيه و قد نا عبد الله بن ربيع نا محمد بن معاوية نا أحمد بن شعيب أنا قتيبة بن سعيد نا محمد بن أبي عدي عن محمد بن إسحاق عن عبد الله ابن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن عمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة أم المؤمنين قالت : لما نزل عذري قام النبي صلى الله عليه و آله على المنبر فأمر بالمرأة و الرجلين فضربوا حدهم قال أبو محمد رحمه الله : فهذا رسول الله صلى الله عليه و آله أقام حد القذف و لم يشاور عائشة أمنا رضي الله عنها أن تعفو أم لا ؟ فلو كان لها في ذلك حق لما عطله عليه السلام و هو أرحم الناس و أكثرهم حضا على العفو فيما يجوز فيه العفو فصح أن الحد من حقوق الله تعالى لا مدخل للمقذوف فيه أصلا و لا عفو له عنه ، و أما من طريق الاجماع فان الامة مجمعة على تسمية الجلد المأمور به في القذف حدا و لم يأت نص و لا إجماع بأن لانسان حكما في إسقاط حد من حدود الله تعالى فصح أنه لا مدخل للعفو فيه ، و أما من طريق النظر فلو كان من حقوق الناس لكان العفو المذكور في ذلك لا يجوز البتة الا من المقذوف فيما قذف به لا فيما قذف به غيره من