شرح المحلی جلد 11
لطفا منتظر باشید ...
من ولد آدم في أن حال السكران في أنه لا يدري ما يقول باق كما كان لم يحله الله تعالى عن صفته ( فان قالوا ) : هو أدخل ذلك على نفسه ( قلنا ) : نعم و هذا لا فائدة لكم فيه لوجوه ، أولها أن هذا تعلل لا يوجب حكما لانه لم يأت بهذا التعليل قرآن . و لا سنة . و لا إجماع . و الثاني إنا نسألكم عمن أكره على شرب الخمر ففتح فمه كرها بأكاليب وصب فيه الخمر حتى سكر فان هذا لا خلاف في أنه آثم و لا في أنه لم يدخله على نفسه فينبغي أن يكون حكمه عندكم بخلاف حكم من أدخله على نفسه فلا تلزموا هذا المكره شيئا مما قال في ذلك السكر و إلا فقد تناقضتم ، و الثالث إنا نسألكم عمن شرب البلاذر فجن ، أو تزيد نقطع عصب ساقيه فأقعد أ يكون لذلك المجنون حكم المجانين في سقوط جميع الاحكام عنه أو تكون الاحكام لازمة له من أجل أنه أدخل ذلك على نفسه ؟ و هل يكون للذي أبطل ساقيه عمدا أو أشرا و معصية لله تعالى حكم المقعد في الصلاة و سقوط الحج و غير ذلك أم لا يسقط عنه شيء من ذلك من أجل إدخاله ذلك على نفسه ؟ فمن قولهم بلا خلاف ان لهما حكم سائر المجانين و سائر القاعدين فبطل تعلقهم بأن السكران أدخل ذلك على نفسه ، و قد صح أن حمزة رضي الله عنه قال لرسول الله صلى الله عليه و آله . و لعلي بن أبي طالب . و زيد بن خالد هل أنتم إلا عبيد لآبائي و هو سكران فلم يعنفه على ذلك و لو قالها صحيحا لكفر بذلك و حاش له من ذلك ، فصح أن السكران إذا ذهب تمييزه فلا شيء عليه لا في القذف و لا في غيره لانه مجنون لا عقل له ( فان قالوا ) : قد جاء عن بعض الصحابة رضي الله عنهم إذا شرب سكر و إذا سكر هذى و إذا هذى افترى و إذا افترى جلد ثمانين ( قلنا ) : حاشى لله أن يقول صاحب هذا الكلام الفاسد هم و الله أجل . و أعقل . و أعلم من أن يقولوا هذا السخف الباطل و يكفي منه إجماعهم على أن من هذى فلا حد عليه و لو كفر أو قذف فهم يحتجون بما هم أول مخالف له و أحضر مبطل لحكمه و نعوذ بالله مثل هذا ، و سنتكلم ان شاء الله تعالى في إبطال هذا الخبر من طريق اسناده و من تخاذله و فساده في كلامنا في حد الخمر من ديواننا هذا ان شاء الله تعالى ( فان قالوا ) : و من يدري أنه سكران و لعله تساكر ( قيل لهم ) : قولوا هذا بعينه في المجنون و من يدري أنه مجنون و لعله متحامق و أنتم لا تقولون هذا بل تسقطون عنه الاحكام و الحدود فالحال التي تدري في المجنون أنه مجنون بمثلها يدرى في السكران أنه سكران و لا فرق و هي أنه إذا بلغ من نفسه من التخليط في كلامه و أفعاله حيث يوقن أنه لا يبلغه من نفسه المميز الصاحي حياء من مثل تلك الحال فهذا بلا شك أحمق و سكران كما قال الله تعالى : ( حتى تعلموا ما تقولون )