شرح المحلی جلد 11
لطفا منتظر باشید ...
أروش الجراحات عليهم أيضا ، و هذا تناقض لا خفاء به فان قالوا : فأنتم لا ترون الدية عليهم و لا عنهم فما جنوه ثم ترونها عليهم فيما جناه غيرهم قلنا : نعم لاننا لا نقول بالمقاييس في الدين ، و لا أن الشريعة موضوعة على ما توجبه الآراء بل نكفر بهذا القول و نبرأ إلى الله تعالى منه ، و قد وجدنا القاتل يقتل عددا من المسلمين ظلما فيعفو عنه أولياؤهم فيحرم دمه و يمضي سالما لا شيء عليه ، ثم يسرق دينارا أو يزني بأمة سوداء فيعفو عنه رب الدينار و سيد السوداء فلا يسقط عنه القطع و لا القتل بالحجارة ان كان محصنا و أين هذا و الدينار من قتل النفس المحرمة ؟ و وجدناكم تقولون : ان زكاة الفطر على المرأة و لا تؤديها عن نفسها بل يؤديها عنها غيرها - و هو زوجها - و يقول الحنيفيون : الاضحية فرض على المرأة فلا تؤديها هي لكن يؤديها عنها زوجها ، فإذا قلتم هذا حيث لم يوجبه الله سبحانه و تعالى و لا رسوله عليه السلام و أنتم أهل آراء و قياس في الدين فنحن أولى بان نقول ما أوجبه الله تعالى و رسوله صلى الله عليه و سلم و الحمد لله رب العالمين فان قيل فان احتجاجكم بقول رسول الله صلى الله عليه و سلم : " رفع القلم عن ثلاثة - فذكر - الصبي حتى يبلغ و المجنون حتى يفيق " قلنا نحن و لله الحمد قائلون به و مسقطون عن الصبي و المجنون كل حكم ورد بخطاب أهل ذلك الحكم لانهما مخاطبين بيقين لا شك فيه فهما خارجان عمن خوطب بذلك الحكم و نحن نلزمهما كل غرامة في مال جاء الحكم في ذلك المال بغير خطاب لاهله و الحكم ها هنا جاء بان النبي صلى الله عليه و سلم حكم بان الدية و الغرة على عصبة القاتلة و لم يخاطب العصبة و لا التفت عليه السلام إلى اعتراض من اعترض منهم بل أنفذ الحكم عليهم فنحن ننفذ الحكم بإيجاب الدية في مال العصبة و لا نبالي صبيانا كانوا أو مجانين أو غيبا أو حاضرين و لم نوجب ذلك فيما جناه صبي أو مجنون لان الدية انما وجبت بنص القرآن فيما قتله مخاطب بالكفارة و ليس هذا من صفات الصبيان و المجانين ، و الحمد لله رب العالمين قال أبو محمد رحمه الله : ثم نظرنا في مقدار ما يؤخذ من كل إنسان من العصبة فوجدنا قوما قالوا : لا يؤخذ من كل واحد إلا أربعة دراهم أو ثلاثة ، و قوما قالوا : يؤخذ من الغنى نصف دينار و من المقل ربع دينار فكانت هذه حدودا لم يأت بها حكم من الله تعالى و لا من رسوله صلى الله عليه و آله فوجب أن لا يلتفت و وجب أن ننظر ما الواجب في ذلك فوجدنا الله تعالى يقول : ( لا يكلف الله نفسا إلا وسعها ) ، و قال تعالى : ( ما جعل عليكم في الدين من حرج ) و قال تعالى : ( يريد الله بكم اليسر و لا يريد بكم العسر ) و حكم رسول الله صلى الله عليه و سلم بالدية و بالغرة