شرح المحلی جلد 11
لطفا منتظر باشید ...
رحمه الله : فذكرنا قول ابن عباس . و سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب فنظرنا فيما يمكن أن يحتج به فوجدنا من طريق مسلم نا أبو الطاهر نا ابن وهب عن ابن جريج عن ابن أبي مليكة عن ابن عباس ان النبي صلى الله عليه و آله قال : لو يعطى الناس بدعواهم لادعى ناس دماء رجال و أموالهم و لكن اليمين على المدعى عليه ، و قوله صلى الله عليه و سلم : " ان دماءكم و أموالكم عليكم حرام " و قوله عليه السلام للمدعى : " بينتك أو يمينه ليس لك الا ذلك " قالوا : فقد سوى الله تعالى على لسان نبيه عليه الصلاة و السلام بين تحريم الدماء و الاموال و بين الدعوي في الدماء و الاموال و أبطل كل ذلك و لم يجعله الا بالبينة أو اليمين على المدعى عليه فوجب أن يكون الحكم في كل ذلك سواء لا يفترق في شيء أصلا لا في من يحلف و لا في عدد يمين و لا في إسقاط الغرامة الا بالبينة و لا مزيد ، و هذا كله حق الا أنهم تركوا ما لا يجوز تركه مما فرض الله تعالى على الناس اضافته إلى ما ذكروا و هو ان الذي حكم بما ذكروا و هو المرسل إلينا من الله تعالى هو الذي حكم بالقسامة و فرق بين حكمها و بين سائر الدماء و الاموال المدعاة و لا يحل أخذ شيء من أحكامه و ترك سائرها اذ كلها من عند الله تعالى وكلها حق و فرض الوقوف عنده و العمل به و ليس بعض أحكامه عليه السلام أولى بالطاعة من بعض و من خالف هذا فقد دخل تحت المعصية و تحت قوله تعالى : ( أ فتؤمنون ببعض الكتاب و تكفرون ببعض ) و لا فرق بين من ترك حديث بينتك أو يمينه لحديث القسامة و بين من ترك حديث القسامة لتلك الاحاديث فان قالوا : الدماء حدود و لا يمين في الحدود قيل لهم : ما هي من الحدود لان الحدود ليست موكولة إلى اختيار أحد ان شاء أقامها و ان شاء عطلها بل هي واجبة لله تعالى وحده لا خيار فيها لاحد و لا حكم ، و أما الدماء فهي موكولة إلى اختيار الولي ان شاء استقاد و ان شاء عفا فبطل أن تكون من الحدود ، و صح انها من حقوق الناس و فسد قول من فرق بينهما و بين حقوق الناس من الاموال و غيرها لا حيث فرق الله تعالى و رسوله عليه السلام بين الدماء و الحقوق و غيرها و ليس ذلك الا حيث القسامة فقط ، و أما من جعل اليمين في دعوى الدم خمسين يمينا و لا بد و لا أقل فلا حجة لهم الا أنهم قاسوا كل دعوى في الدم على القسامة و القياس كله باطل لانهم لم يحكموا للدعوى المجردة في الدم بحكم القسامة في هذا الموضع لان المالكيين و الشافعيين يرون في القسامة تبدية المدعين و لا يرون تبديتهم في دعوى الدم المجردة و الحنيفيون يرون إيجاب الغرامة مع الايمان في القسامة و لا يرون ذلك في دعوى الدم المجردة فصح أنهم قد تركوا قياس