ثم ابتدأ سبحانه بخبر آخر من أخبار بنيإسرائيل فقال مخاطبا لنبيه «وَسْئَلْهُمْ» أي استخبرهم يا محمد و هوسؤال توبيخ و تقريع لا سؤال استفهام «عَنِالْقَرْيَةِ الَّتِي كانَتْ حاضِرَةَالْبَحْرِ» أي مجاورة البحر و قريبة منالبحر على شاطئ البحر و هي إيلة عن ابنعباس و قيل هي مدين عنه أيضا و قيل طبرية عنالزهري «إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ»أي يظلمون فيه بصيد السمك و يتجاوزون الحدفي أمر السبت «إِذْ تَأْتِيهِمْحِيتانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْشُرَّعاً» أي ظاهرة على وجه الماء عن ابنعباس و قيل متتابعة عن الضحاك و قيل رافعةرءوسها قال الحسن كانت تشرع إلى أبوابهامثل الكباش البيض لأنها كانت آمنة يومئذ«وَ يَوْمَ لا يَسْبِتُونَ لاتَأْتِيهِمْ» أي و يوم لا يكون السبت كانتتغوص في الماء و اختلف في أنهم كيف اصطادوافقيل إنهم ألقوا الشبكة في الماء يومالسبت حتى كان يقع فيها السمك ثم كانوا لايخرجون الشبكة من الماء إلى يوم الأحد وهذا تسبب محظورة و في رواية عكرمة عن ابنعباس اتخذوا الحياض فكانوا يسوقونالحيتان إليها و لا يمكنها الخروج منهافيأخذونها يوم الأحد و قيل إنهم اصطادوهاو تناولوها باليد في يوم السبت عن الحسن«كَذلِكَ نَبْلُوهُمْ» أي مثل ذلكالاختبار الشديد نختبرهم «بِما كانُوايَفْسُقُونَ» أي بفسقهم و عصيانهم و علىالمعنى الآخر لا تأتيهم الحيتان مثل ذلكالإتيان الذي كان منها يوم السبت ثماستأنف فقال نبلوهم «وَ إِذْ قالَتْأُمَّةٌ» أي جماعة «مِنْهُمْ» أي من بنيإسرائيل الذين لم يصطادوا و كانوا ثلاثةفرق فرقة قانصة و فرقة ساكتة واعظة فقالالساكتون للواعظين و الناهين «لِمَتَعِظُونَ قَوْماً اللَّهُمُهْلِكُهُمْ» أي يهلكهم الله و لم يقولواذلك كراهية لوعظهم و لكن لإياسهم عن أنيقبل أولئك القوم الوعظ فإن الأمربالمعروف إنما يجب عند عدم الإياس منالقبول عن الجبائي و معناه ما ينفع الوعظممن لا يقبل و الله مهلكهم في الدنيابمعصيتهم «أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذاباًشَدِيداً» في الآخرة «قالُوا» أي قالالواعظون في جوابهم «مَعْذِرَةً إِلىرَبِّكُمْ» معناه موعظتنا إياهم معذرةإلى الله و تأدية لفرضه في النهي عن المنكرلئلا يقول لنا