ثم بين سبحانه أن هؤلاء الكفار لا يؤمنونفقال مخاطبا لنبيه (ص) «وَ إِنْ كانَكَبُرَ» أي عظم و اشتد «عَلَيْكَإِعْراضُهُمْ» و انصرافهم عن الإيمان وقبول دينك و امتناعهم من اتباعك و تصديقك«فَإِنِ اسْتَطَعْتَ» أي قدرت و تهيأ لك«أَنْ تَبْتَغِيَ» أي تطلب و تتخذ«نَفَقاً فِي الْأَرْضِ» أي سربا و مسكنافي جوف الأرض «أَوْ سُلَّماً» أي مصعدا«فِي السَّماءِ» و درجا «فَتَأْتِيَهُمْبِآيَةٍ» أي حجة تلجئهم إلى الإيمان وتجمعهم على ترك الكفر فافعل ذلك و قيلفتأتيهم بآية أفضل مما آتيناهم به فافعلعن ابن عباس يريد لا آية أفضل و أظهر من ذلك«وَ لَوْ شاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْعَلَى الْهُدى» بالإلجاء و إنما أخبر عزاسمه عن كمال قدرته و أنه لو شاء لألجأهمإلى الإيمان و لم يفعل ذلك لأنه ينافيالتكليف و يسقط استحقاق الثواب الذي هوالغرض بالتكليف و ليس في الآية أنه سبحانهلا يشاء منهم أن يؤمنوا مختارين أو لا يشاءأن يفعل ما يؤمنون عنده مختارين و إنما نفىالمشيئة لما يلجئهم إلى الإيمان ليتبين أنالكفار لم يغلبوه بكفرهم فإنه لو أراد أنيحول بينهم و بين الكفر لفعل لكنه يريد أنيكون إيمانهم على الوجه الذي يستحق بهالثواب و لا ينافي التكليف «فَلاتَكُونَنَّ مِنَ الْجاهِلِينَ» قيل معناهفلا تجزع في مواطن الصبر فيقارب حالك حالالجاهلين بأن تسلك سبيلهم عن الجبائي وقيل إن هذا نفي للجهل عنه أي لا تكن جاهلابعد أن أتاك العلم بأحوالهم و أنهم لايؤمنون و المراد فلا تجزع و لا تتحسرلكفرهم و إعراضهم عن الإيمان و غلظ الخطابتبعيدا و زجرا عن هذه الحال ثم بين سبحانهالوجه الذي لأجله لا يجتمع هؤلاء الكفارعلى الإيمان فقال «إِنَّما يَسْتَجِيبُالَّذِينَ يَسْمَعُونَ» و معناه إنمايستجيب إلى الإيمان بالله و ما أنزل إليكمن يسمع كلامك و يصغي إليك و إلى ما تقرأهعليه من القرآن و يتفكر في آياتك فإن من لميتفكر و لم يستدل بالآيات بمنزلة من لميسمع كما قيل: لقد أسمعت لو ناديت حيا *** و لكن لا حياةلمن تنادي و قال الآخر: " أصم عما ساءه سميع" «وَ الْمَوْتى يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ»يريد أن الذين لا يصغون إليك من هؤلاءالكفار و لا يتدبرون فيما تقرأه عليهم وتبينه لهم من الآيات و الحجج بمنزلةالموتى فكما أيست أن تسمع الموتى كلامكإلى أن يبعثهم الله فكذلك فأيس من