ثم أمرهم الله سبحانه بترك الخيانة فقال«يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاتَخُونُوا اللَّهَ وَ الرَّسُولَ» أي لاتخونوا الله بترك فرائضه و الرسول بتركسننه و شرائعه عن ابن عباس و قيل إن من تركشيئا من الدين و ضيعه فقد خان الله و رسولهعن الحسن «وَ تَخُونُوا أَماناتِكُمْ»يعني الأعمال التي ائتمن الله عليهاالعباد يعني الفرائض التي يقول لا تنقصوهاعن ابن عباس و قيل أنهم إذا خانوا الله والرسول فقد خانوا أماناتهم عن السدي «وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ» ما في الخيانة منالذم و العقاب و قيل و أنتم تعلمون أنهاأمانة من غير شبهة «وَ اعْلَمُوا» أي وتحققوا و أيقنوا «أَنَّما أَمْوالُكُمْوَ أَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ» أي بلية عليكمابتلاكم الله تعالى بها فإن أبا لبابةحمله على ما فعله ماله الذي كان في أيديهمو أولاده الذين كانوا بين ظهرانيهم «وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ»لمن أطاعه و خرج إلى الجهاد و لم يخن الله ورسوله و ذلك خير من الأموال و الأولاد بينسبحانه بهذه الآية أنه يختبر خلقهبالأموال و الأولاد ليتبين الراضي بقسمهممن لا يرضى به و إن كان سبحانه أعلم بهم منأنفسهم و لكن ليظهر الأفعال التي بهايستحق الثواب و العقاب و إلى هذا أشار أمير المؤمنين علي (ع) في قوله لايقولن أحدكم اللهم إني أعوذ بك من الفتنةلأنه ليس أحد إلا و هو مشتمل على فتنة و لكنمن استعاذ فليستعذ من مضلات الفتن فإنالله تعالى يقول «وَ اعْلَمُوا أَنَّماأَمْوالُكُمْ وَ أَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ» و قد روي هذا المعنى عن ابن مسعود أيضا.