ثم أمر سبحانه بقتال الكفار و حث عليهبقوله «يا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَاللَّهُ وَ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَالْمُؤْمِنِينَ» أي كافيك الله و يكفيكمتبعوك من المؤمنين و قال الحسن معناهالله حسبك و حسب من اتبعك من المؤمنين أييكفيك و يكفيهم قال الكلبي نزلت هذه الآيةبالبيداء في غزوة بدر قبل القتال «ياأَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِالْمُؤْمِنِينَ» أي ابعث المؤمنين «عَلَىالْقِتالِ» و رغبهم فيه بسائر أسبابالتحريض و الترغيب من ذكر الثواب الموعودعلى القتال و بيان ما وعد الله لهم منالنصر و الظفر و اغتنام الأموال «إِنْيَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صابِرُونَ»على القتال «يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ» منالعدو «وَ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌيَغْلِبُوا أَلْفاً مِنَ الَّذِينَكَفَرُوا» و اللفظ لفظ الخبر و المراد بهالأمر و يدل على ذلك قوله فيما بعد «الْآنَخَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ» لأن التخفيفلا يكون إلا بعد التكليف «بِأَنَّهُمْقَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ» معناه ذلك النصرمن الله تعالى لكم على الكفار و الخذلانللكفار بأنكم تفقهون أمر الله تعالى وتصدقونه فيما وعدكم من الثواب فيدعوكم ذلكإلى الصبر على القتال و الجد فيه و الكفارلا يفقهون أمر الله تعالى و لا يصدقونهفيما وعدكم من الثواب و لما علم الله تعالىأن ذلك يشق عليهم تغيرت المصلحة في ذلكفقال «الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ»الحكم في الجهاد من وجوب قتال العشرة علىالواحد و ثبات الواحد للعشرة «وَ عَلِمَأَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً» أراد به ضعفالبصيرة و العزيمة و لم يرد ضعف البدن فإنالذين أسلموا في الابتداء لم يكونوا كلهمأقوياء البدن بل كان فيهم القوي و الضعيف ولكن كانوا أقوياء البصيرة و اليقين و لماكثر المسلمين و اختلط بهم من كان أضعفيقينا و بصيرة نزل «الْآنَ خَفَّفَاللَّهُ عَنْكُمْ» «فَإِنْ يَكُنْمِنْكُمْ مِائَةٌ صابِرَةٌ» على القتال«يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ» من العدو «وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ» صابرة«يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ» منهم «بِإِذْنِاللَّهِ» أي بعلم الله و قيل بأمره فأمرالله تعالى الواحد بأن يثبت لاثنين و تضمنالنصرة له عليهما و إنما لم يفصل و لم يأمرمن كان قوي البصيرة بأن يثبت لعشرة و منكان ضعيف البصيرة بأن يثبت لاثنين لأنهمكانوا يشهدون القتال مختلطين فكان لا يمكنالتمييز بينهم و لو نص على من كان ضعيفالبصيرة كان فيه إيحاشهم و انكسار قلوبهمو زيادة ضعفهم «وَ اللَّهُ مَعَالصَّابِرِينَ» أي معونة الله معالصابرين و معناه و الله معين الصابرين وقيل إن هذه الآية نزلت