و صنف مفطور على الانسلاخ من البشريّةجملة جسمانيّتها و روحانيّتها إلىالملائكة من الأفق الأعلى ليصير في لمحةمن اللّمحات ملكا بالفعل و يحصل له شهودالملإ الأعلى في أفقهم و سماع الكلامالنّفسانيّ و الخطاب الإلهيّ في تلكاللّمحة و هؤلاء الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم جعل الله لهم الانسلاخ منالبشريّة في تلك اللّمحة و هي حالة الوحيفطرة فطرهم الله عليها و جبلة صوّرهم فيهاو نزّههم عن موانع البدن و عوائقه ما دامواملابسين لها بالبشريّة بما ركّب فيغرائزهم من القصد و الاستقامة الّتييحاذون بها تلك الوجهة و ركّز في طبائعهمرغبة في العبادة تكشف بتلك الوجهة و تسيغنحوها فهم يتوجّهون إلى ذلك الأفق بذلكالنّوع من الانسلاخ متى شاءوا بتلك الفطرةالّتي فطروا عليها لا باكتساب و لا صناعةفلذا توجّهوا و انسلخوا عن بشريّتهم وتلقّوا في ذلك الملإ الأعلى ما يتلقّونه،و عاجوا به على المدارك البشريّة منزّلافي قواها لحكمة التّبليغ للعباد فتارةيسمع أحدهم دويّا كأنّه رمز من الكلاميأخذ منه المعنى الّذي ألقي إليه فلاينقضي الدّويّ إلّا و قد وعاه و فهمه وتارة يتمثّل له الملك الّذي يلقي إليهرجلا فيكلّمه و يعي ما يقوله و التّلقّي منالملك و الرّجوع إلى المدارك البشريّة وفهمه