الفصل الرابع في أن أهل البدو أقرب إلىالخير من أهل الحضر
و سببه أنّ النّفس إذا كانت على الفطرةالأولى كانت متهيئة لقبول ما يرد عليها وينطبع فيها من خير أو شرّ قال صلّى اللهعليه وسلّم «كلّ مولود يولد على الفطرةفأبواه يهوّدانه أو ينصّرانه أويمجّسانه» و بقدر ما سبق إليها من أحدالخلقين تبعد عن الآخر و يصعب عليهااكتسابه فصاحب الخير إذا سبقت إلى نفسهعوائد الخير و حصلت لها ملكته بعد عنالشّرّ و صعب عليه طريقه و كذا صاحب الشّرّإذا سبقت إليه أيضا عوائده و أهل الحضرلكثرة ما يعانون من فنون الملاذّ و عوائدالتّرف و الإقبال على الدّنيا و العكوفعلى شهواتهم منها و قد تلوّنت أنفسهمبكثير من مذمومات الخلق و الشّرّ و بعدتعليهم طرق الخير و مسالكه بقدر ما حصل لهممن ذلك حتّى لقد ذهبت عنهم مذاهب الحشمة فيأحوالهم فتجد الكثير منهم يقذعون في أقوالالفحشاء في مجالسهم و بين كبرائهم و أهلمحارمهم لا يصدّهم عنه وازع الحشمة لماأخذتهم به عوائد السّوء في التّظاهربالفواحش قولا و عملا و أهل البدو و إنكانوا مقبلين على الدّنيا مثلهم إلّا أنّهفي المقدار الضّروريّ لا في