دولة و خدمها إنّما يكون لهم البيت والحسب بالرّسوخ في ولائها و الأصالة فياصطناعها و يضمحلّ نسبه الأقدم من غيرنسبها و يبقى ملغى لا عبرة به في أصالته ومجده و إنّما المعتبر نسبة ولائه واصطناعه إذ فيه سرّ العصبيّة الّتي بهاالبيت و الشّرف فكان شرفه مشتقا من شرفمواليه و بناؤه من بنائهم فلم ينفعه نسبولادته و إنّما بنى مجده نسب الولاء فيالدّولة و لحمة الاصطناع فيها و التّربيةو قد يكون نسبه الأوّل في لحمة عصبيّته ودولته فإذا ذهبت و صار ولاؤه و اصطناعه فيأخرى لم تنفعه الأولى لذهاب عصبيّتها وانتفع بالثّانية لوجودها و هذا حال بنيبرمك إذ المنقول أنّهم كانوا أهل بيت فيالفرس من سدنة بيوت النّار عندهم و لمّاصاروا إلى ولاء بني العبّاس لم يكنبالأوّل اعتبار و إنّما كان شرفهم من حيثولايتهم في الدّولة و اصطناعهم و ما سوىهذا فوهم توسوس به النّفوس الجامحة و لاحقيقة له و الوجود شاهد بما قلناه «و إِنَّأَكْرَمَكُمْ عِنْدَ الله أَتْقاكُمْ 49:13» و الله و رسوله أعلم.
الفصل الخامس عشر في أن نهاية الحسب فيالعقب الواحد أربعة اباء
اعلم أنّ العالم العنصريّ بما فيه كائنفاسد لا من ذواته و لا من أحواله والمكوّنات من المعدن و النّبات و جميعالحيوانات الإنسان و غيره كائنة فاسدةبالمعاينة و كذلك ما يعرض لها من الأحوال وخصوصا الإنسانيّة فالعلوم تنشأ ثمّ تدرس وكذا الصّنائع و أمثالها و الحسب منالعوارض الّتي تعرض للآدميّين فهو كائنفاسد لا محالة و ليس يوجد لأحد من أهلالخليقة شرف متصل في آبائه من لدن آدم إليهإلّا ما كان من ذلك للنّبيّ صلّى الله عليهوسلّم كرامة به و حياطة على السّرّ فيه وأوّل كلّ شرف خارجيّة كما قيل، و هي الخروجعن الرّئاسة و الشّرف إلى الضّعة