الحقّ الّذي لا محيد عنه و من بعد ذلك وقعاختيار أهل السّكّة في الدّول على مخالفةالمقدار الشّرعيّ في الدّينار و الدّرهم واختلفت في كلّ الأقطار و الآفاق و رجعالنّاس إلى تصوّر مقاديرهما الشّرعيّةذهنا كما كان في الصّدر الأوّل و صار أهلكلّ أفق يستخرجون الحقوق الشّرعيّة منسكّتهم بمعرفة النّسبة الّتي بينها و بينمقاديرها الشّرعيّة و أمّا وزن الدّينارباثنتين و سبعين حبّة من الشّعير الوسطفهو الّذي نقله المحقّقون و عليه الإجماعإلّا ابن حزم خالف ذلك و زعم أنّ وزنه أربعو ثمانون حبّة. نقل ذلك عنه القاضي عبدالحقّ و ردّه المحقّقون و عدّوه وهما وغلطا و هو الصّحيح و الله يحقّ الحقّبكلماته و كذلك تعلم أنّ الأوقيّةالشّرعيّة ليست هي المتعارفة بين النّاسلأنّ المتعارفة مختلفة باختلاف الأقطار والشّرعيّة متّحدة ذهنا لا اختلاف فيها والله خلق كلّ شيء فقدّره تقديرا.
الخاتم
و أمّا الخاتم فهو من الخطط السّلطانيّة والوظائف الملوكيّة و الختم على الرّسائل والصّكوك معروف للملوك قبل الإسلام و بعدهو قد ثبت في الصّحيحين أنّ النّبيّ صلّىالله عليه وسلّم أراد أن يكتب إلى قيصرفقيل له إنّ العجم لا يقبلون كتابا إلّا أنيكون مختوما فاتّخذ خاتما من فضّة و نقشفيه «محمّد رسول الله» قال البخاريّ جعلالثّلاث الكلمات ثلاثة أسطر و ختم به و قاللا ينقش أحد مثله قال و تختّم به أبو بكر وعمر و عثمان ثمّ سقط من يد عثمان في بئرأريس و كانت قليلة الماء فلم يدرك قعرهابعد و اغتمّ عثمان و تطيّر منه و صنع آخرعلى مثله و في كيفيّة نقش الخاتم و الختمبه وجوه و ذلك أنّ الخاتم يطلق على الآلةالّتي تجعل في الإصبع و منه تختّم إذا لبسهو يطلق على النّهاية و التّمام و منه ختمتالأمر إذا بلغت آخره و ختمت القرآن كذلك ومنه خاتم النّبيّين و خاتم الأمر و يطلقعلى السّداد الّذي يسدّ به الأواني والدّنان و يقال فيه ختام و منه قوله تعالى«خِتامُهُ مِسْكٌ 83: 26» و قد غلط من فسّرذلك بالنّهاية و التّمام قال لأنّ آخر مايجدونه في شرابهم ريح المسك و ليس المعنىعليه و إنّما هو من الختام هو السّداد لأنّالخمر