الفصل الثامن و العشرون في صناعة التوليد - تاریخ ابن خلدون جلد 1
لطفا منتظر باشید ...
بالعمران الحضريّ لما أنّ أهل البدويستغنون عنها و إنّما يشتملون الأثواباشتمالا. و إنّما تفصيل الثّياب و تقديرهاو إلحامها بالخياطة للباس من مذاهبالحضارة و فنونها. و تفهّم هذه في سرّتحريم المخيط في الحجّ لما أنّ مشروعيّةالحجّ مشتملة على نبذ العلائق الدّنيويّةكلّها و الرّجوع إلى الله تعالى «كماخلقنا أوّل مرّة، حتّى لا يعلّق العبدقلبه بشيء من عوائد ترفه، لا طيبا و لانساء و لا مخيطا و لا خفّا، و لا يتعرّضلصيد و لا لشيء من عوائده الّتي تلوّنت (1)بها نفسه و خلقه، مع أنّه يفقدها بالموتضرورة. و إنّما يجيء كأنّه وارد إلىالمحشر ضارعا بقلبه مخلصا لربّه. و كانجزاؤه إن تمّ له إخلاصه في ذلك أن يخرج منذنوبه كيوم ولدته أمّه. سبحانك ما أرفقكبعبادك و أرحمك بهم في طلب هدايتهم إليك. وهاتان الصّنعتان قديمتان في الخليقة لماأنّ الدّفء ضروريّ للبشر في العمرانالمعتدل. و أمّا المنحرف إلى الحرّ فلايحتاج أهله إلى دفء.
و لهذا يبلغنا عن أهل الإقليم الأوّل منالسّودان أنّهم عراة في الغالب. و لقدم هذهالصّنائع ينسبها العامّة إلى إدريس عليهالسّلام و هو أقدم الأنبياء. و ربّماينسبونها إلى هرمس و قد يقال إنّ هرمس هوإدريس. و الله سبحانه و تعالى هو الخلّاقالعليم.
الفصل الثامن و العشرون في صناعة التوليد
و هي صناعة يعرف بها العمل في استخراجالمولود الآدميّ من بطن أمّه من الرّفق فيإخراجه من رحمها و تهيئة أسباب ذلك. ثمّ مايصلحه بعد الخروج على ما نذكر. و هي مختصّةبالنّساء في غالب الأمر لما أنّهنّالظّاهرات بعضهنّ على عورات بعض. و تسمّىالقائمة على ذلك منهنّ القابلة. استعيرفيها معنى الإعطاء