الفصل الرابع عشر في أن رخص الأسعار مضربالمحترفين بالرخص - تاریخ ابن خلدون جلد 1
لطفا منتظر باشید ...
أنّ النّاس لحاجتهم إلى الأقوات مضطرّونإلى ما يبذلون فيها من المال اضطرارافتبقى النّفوس متعلّقة به و في تعلّقالنّفوس بما لها سرّ (1) كبير في وباله علىمن يأخذه مجّانا و لعلّه الّذي اعتبرهالشّارع في أخذ أموال النّاس بالباطل وهذا و إن لم يكن مجّانا فالنّفوس متعلّقةبه لإعطائه ضرورة من غير سعة في العذر فهوكالمكره و ما عدا الأقوات و المأكولات منالمبيعات لا اضطرار للنّاس إليها و إنّمايبعثهم عليها التّفنّن في الشّهوات فلايبذلون أموالهم فيها إلّا باختيار و حرص. ولا يبقى لهم تعلّق بما أعطوه فلهذا يكون منعرف بالاحتكار تجتمع القوى النّفسانيّةعلى متابعته لما يأخذه من أموالهم فيفسدربحه. و الله تعالى أعلم.
و سمعت فيما يناسب هذا حكاية ظريفة عن بعضمشيخة المغرب. أخبرني شيخنا أبو عبد اللهالأبليّ قال: حضرت عند القاضي بفاس لعهدالسّلطان أبي سعيد و هو الفقيه أبو الحسنالمليليّ و قد عرض عليه أن يختار بعضالألقاب المخزنيّة لجرايته قال فأطرقمليّا ثمّ قال: من مكس الخمر. فاستضحكالحاضرون من أصحابه و عجبوا و سألوه عنحكمة ذلك. فقال: إذا كانت الجبايات كلّهاحراما فأختار منها ما لا تتابعه نفس معطيهو الخمر قلّ أن يبذل فيها أحد ماله إلّا وهو طرب مسرور بوجوداته غير أسف عليه و لامتعلّقة به نفسه و هذه ملاحظة غريبة و اللهسبحانه و تعالى يعلم ما تكنّ الصّدور.
الفصل الرابع عشر في أن رخص الأسعار مضربالمحترفين بالرخص
و ذلك أنّ الكسب و المعاش كما قدّمناهإنّما هو بالصّنائع أو التّجارة.
و التّجارة هي شراء البضائع و السّلع وادّخارها. يتحيّن بها حوالة الأسواقبالزّيادة