الفصل السادس عشر في أن الصنائع لا بد لهامن العلم (2)
اعلم أنّ الصّناعة هي ملكة في أمر عمليّفكريّ و بكونه عمليّا هو جسمانيّ محسوس. والأحوال الجسمانيّة المحسوسة فنقلهابالمباشرة أوعب لها و أكمل، لأنّ المباشرةفي الأحوال الجسمانيّة المحسوسة أتمّفائدة و الملكة صفة راسخة تحصل عن استعمالذلك الفعل و تكرّره مرّة بعد أخرى حتّىترسخ صورته. و على نسبة الأصل تكون الملكة.و نقل المعاينة أوعب و أتمّ من نقل الخبر والعلم.فالملكة الحاصلة عن الخبر. و على قدر جودةالتّعليم و ملكة المعلّم يكون حذقالمتعلّم في الصّناعة و حصول ملكته. ثمّإنّ الصّنائع منها البسيط و منها المركّب.و البسيط هو الّذي يختصّ بالضّروريّات والمركّب هو الّذي يكون للكماليّات.و المتقدّم منها في التّعليم هو البسيطلبساطته أوّلا، و لأنّه مختصّ بالضّروريّالّذي تتوفّر الدّواعي على نقله فيكونسابقا في التّعليم و يكون تعليمه لذلكناقصا. و لا يزال الفكر يخرج أصنافها ومركّباتها من القوّة إلى الفعلبالاستنباط شيئا فشيئا على التّدريج حتّىتكمل. و لا يحصل ذلك دفعة و إنّما يحصل فيأزمان و أجيال إذ خروج الأشياء من القوّةإلى الفعل لا يكون دفعة لا سيّما في الأمورالصّناعيّة فلا بدّ له إذن من زمان. و لهذاتجد الصّنائع في الأمصار الصّغيرة ناقصة ولا يوجد منها(1) و في نسخة أخرى: المحرجات.(2) و في النسخة الباريسية: المعلم.