الفصل التاسع في أصول الفقه و ما يتعلق بهمن الجدل و الخلافيات
اعلم أنّ أصول الفقه من أعظم العلومالشّرعيّة و أجلّها قدرا و أكثرها فائدة وهو النّظر في الأدلّة الشّرعيّة من حيثتؤخذ منها الأحكام و التّآليف (1). و أصولالأدلّة الشّرعيّة هي الكتاب الّذي هوالقرآن ثمّ السّنّة المبنيّة له. فعلى عهدالنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم كانتالأحكام تتلقّى منه بما يوحى إليه منالقرآن و يبيّنه بقوله و فعله بخطابشفاهيّ لا يحتاج إلى نقل و لا إلى نظر وقياس. و من بعده صلوات الله و سلامه عليهتعذّر الخطاب الشّفاهيّ و انحفظ القرآنبالتّواتر. و أمّا السّنّة فأجمع الصّحابةرضوان الله تعالى عليهم على وجوب العملبما يصل إلينا منها قولا أو فعلا بالنّقلالصّحيح الّذي يغلب على الظّنّ صدقه. وتعيّنت دلالة الشّرع في الكتاب و السّنّةبهذا الاعتبار ثمّ ينزّل الإجماعمنزلتهما لإجماع الصّحابة على النّكيرعلى مخالفيهم. و لا يكون ذلك إلّا عن مستندلأنّ مثلهم لا يتّفقون من غير دليل ثابت معشهادة الأدلّة بعصمة الجماعة فصارالإجماع دليلا ثابتا في الشّرعيّات. ثمّنظرنا في طرق استدلال الصّحابة و السّلفبالكتاب و السّنّة فإذا هم يقيسون الأشباهبالأشباه منهما، و يناظرون الأمثالبالأمثال بإجماع منهم،(1) و في نسخة أخرى: التكاليف.