الفصل السادس و العشرون في اختلاف الأمةفي حكم هذا المنصب و شروطه
و إذ قد بيّنّا حقيقة هذا المنصب و أنّهنيابة عن صاحب الشّريعة في حفظ الدّين وسياسة الدّنيا به تسمّى خلافة و إمامة والقائم به خليفة و إماما فأمّا تسميتهإماما فتشبيها بإمام الصّلاة في اتّباعه والاقتداء به و لهذا يقال الإمامة الكبرى وأمّا تسميته خليفة فلكونه يخلف النّبيّ فيأمّته فيقال خليفة بإطلاق و خليفة رسولالله و اختلف في تسميته خليفة الله فأجازهبعضهم اقتباسا من الخلافة العامّة الّتيللآدميّين في قوله تعالى «إِنِّي جاعِلٌفي الْأَرْضِ خَلِيفَةً 2: 30» و قوله«جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الْأَرْضِ 6: 165».و منع الجمهور منه لأنّ معنى الآية ليسعليه و قد نهى أبو بكر عنه لمّا دعي به وقال: «لست خليفة الله و لكنّي خليفة رسولالله صلّى الله عليه وسلّم» و لأنّالاستخلاف إنّما هو في حقّ الغائب و أمّاالحاضر فلا. ثمّ إنّ نصب الإمام واجب قدعرف وجوبه في الشّرع بإجماع الصّحابة والتّابعين لأنّ أصحاب رسول الله صلّى اللهعليه وسلّم عند وفاته بادروا إلى بيعة أبيبكر رضي الله عنه و تسليم النّظر إليه فيأمورهم و كذا في كلّ عصر من بعد ذلك و لمتترك النّاس فوضى في عصر من الأعصار واستقرّ ذلك