و أمّا الكهانة فهي أيضا من خواصّ النّفسالإنسانيّة و ذلك أنّه قد تقدّم لنا فيجميع ما مرّ أنّ للنّفس الإنسانيّةاستعدادا للانسلاخ من البشريّة إلىالرّوحانيّة الّتي فوقها و أنّه يحصل منذلك لمحة للبشر في صنف الأنبياء بما فطرواعليه من ذلك و تقرّر أنّه يحصل لهم من غيراكتساب و لا استعانة بشيء من المدارك ولا من التّصوّرات و لا من الأفعالالبدنيّة كلاما أو حركة و لا بأمر منالأمور إنّما هو انسلاخ من البشريّة إلىالملكيّة بالفطرة في لحظة أقرب من لمحالبصر و إذا كان كذلك و كان ذلك الاستعدادموجودا في الطّبيعة البشريّة فيعطىالتّقسيم العقليّ و إنّ هنا صنفا آخر منالبشر ناقصا عن رتبة الصّنف الأوّل نقصانالضّدّ عن ضدّه الكامل لأنّ عدم الاستعانةفي ذلك الإدراك ضدّ الاستعانة فيه و شتّانما بينهما