الفصل العاشر في اختلاط الأنساب كيف يقع
اعلم أنّه من البيّن أنّ بعضا من أهلالأنساب يسقط إلى أهل نسب آخر بقرابةإليهم أو حلف أو ولاء أو لفرار من قومهبجناية أصابها فيدّعي بنسب هؤلاء و يعدّمنهم في ثمراته من النّعرة و القود (1) و حملالدّيات و سائر الأحوال و إذا وجدت ثمراتالنّسب فكأنّه وجد لأنّه لا معنى لكونه منهؤلاء و من هؤلاء إلّا جريان أحكامهم وأحوالهم عليه و كأنّه التحم بهم ثمّ إنّهقد يتناسى النّسب الأوّل بطول الزّمان ويذهب أهل العلم به فيخفى على الأكثر و مازالت الأنساب تسقط من شعب إلى شعب و يلتحمقوم بآخرين في الجاهليّة و الإسلام والعرب و العجم.و انظر خلاف النّاس في نسب آل المنذر وغيرهم يتبيّن لك شيء من ذلك و منه شأنبجيلة في عرفجة بن هرثمة لمّا ولّاه عمرعليهم فسألوه الإعفاء منه و قالوا هو فينالزيق أي دخيل و لصيق و طلبوا أن يولّيعليهم جريرا فسأله عمر عن ذلك فقال عرفجةصدقوا يا أمير المؤمنين أنا رجل من الأزدأصبت دما في قومي و لحقت بهم و انظر منه كيفاختلط عرفجة ببجيلة و لبس جلدتهم و دعيبنسبهم حتّى ترشّح للرّئاسة عليهم لو لاعلم بعضهم بوشائجه و لو غفلوا عن ذلك وامتدّ الزّمن لتنوسي بالجملة و عدّ منهمبكلّ وجه و مذهب فافهمه و اعتبر سرّ اللهفي خليقته و مثل هذا كثير لهذا العهد و لماقبله من العهود و الله الموفّق للصّواببمنّه و فضله و كرمه.(1) القود: القصاص في القتل.