الفصل الحادي و العشرون في أنه إذا كانتالأمة وحشية كان ملكها أوسع
و ذلك لأنّهم أقدر على التّغلب والاستبداد كما قلناه و استعباد الطّوائفلقدرتهم على محاربة الأمم سواهم و لأنّهميتنزّلون من الأهلين منزلة المفترس منالحيوانات العجم و هؤلاء مثل العرب (1) وزناتة و من في معناهم من الأكراد والتّركمان و أهل اللّثام من صنهاجة و أيضافهؤلاء المتوحّشون ليس لهم وطن يرتافون (2)منه و لا بلد يجنحون إليه فنسبة الأقطار والمواطن إليهم على السّواء فلهذا لايقتصرون على ملكة قطرهم و ما جاورهم منالبلاد و لا يقفون عند حدود أفقهم بليظفرون إلى الأقاليم البعيدة و يتغلّبونعلى الأمم النّائية و انظر ما يحكى في ذلكعن عمر رضي الله عنه لمّا بويع و قام يحرّضالنّاس على العراق فقال: إنّ الحجاز ليسلكم بدار إلّا على النّجعة و لا يقوى عليهأهله إلّا بذلك أين القرّاء المهاجرون عنموعد الله سيروا في الأرض الّتي وعدكمالله في الكتاب أن يورثكموها، فقال:«لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ 9: 33» (3) واعتبر ذلك أيضا بحال العرب السّالفة منقبل مثل التّبابعة و حمير كيف كانوا يخطونمن اليمن إلى المغرب مرّة و إلى العراق والهند أخرى و لم يكن ذلك لغير(1) يعني ابن خلدون العرب المتوحشون الذينذكرهم في مواضع عدة.(2) يعتاشون منه.(3) سورة الصف الآية 9.