يقولون: هي كاتم سرّ، و في موضع آخريقولون: تدلّ على الحياة و أمثال ذلك.
فيحفظ المعبّر هذه القوانين الكلّيّة، ويعبّر في كلّ موضع بما تقتضيه القرائنالّتي تعيّن من هذه القوانين ما هو أليقبالرّؤيا. و تلك القرائن منها في اليقظة ومنها في النّوم و منها ما ينقدح في نفسالمعبّر بالخاصّيّة الّتي خلقت فيه و كلّميسّر لما خلق له. و لم يزل هذا العلممتناقلا بين السّلف. و كان محمّد بن سيرينفيه من أشهر العلماء و كتب عنه في ذلكالقوانين و تناقلها النّاس لهذا العهد. وألّف الكرمانيّ فيه من بعده. ثمّ ألّفالمتكلّمون المتأخّرون و أكثروا. والمتداول بين أهل المغرب لهذا العهد كتبابن أبي طالب القيروانيّ من علماءالقيروان مثل الممتّع و غيره و كتابالإشارة للسّالميّ من أنفع الكتب فيه وأحضرها. و كذلك كتاب المرقبة العليا لابنراشد من مشيختنا بتونس. و هو علم مضيءبنور النّبوة للمناسبة الّتي بينهما ولكونها كانت من مدارك الوحي كما وقع فيالصّحيح و الله علّام الغيوب.
الفصل التاسع عشر في العلوم العقلية وأصنافها
و أمّا العلوم العقليّة الّتي هي طبيعيّةللإنسان من حيث إنّه ذو فكر فهي غير مختصّةبملّة بل بوجه النّظر (1) فيها إلى أهلالملل كلّهم و يستوون في مداركها ومباحثها. و هي موجودة في النّوع الإنسانيّمنذ كان عمران الخليقة. و تسمّى هذه العلومعلوم الفلسفة و الحكمة و هي مشتملة علىأربعة علوم: الأوّل علم المنطق و هو علميعصم الذّهن عن الخطإ في اقتناص المطالبالمجهولة من الأمور الحاصلة المعلومة وفائدته تمييز الخطإ من الصّواب. فيمايلتمسه النّاظر في
(1) و في نسخة أخرى: يوجد النظر.