في الانتساخ هنالك إنّما هو للعجم و فيخطوطهم. و أمّا النّسخ بمصر ففسد كما فسدبالمغرب و أشدّ. و الله سبحانه و تعالىأعلم و به التّوفيق.
الفصل الثاني و الثلاثون في صناعة الغناء
هذه الصّناعة هي تلحين الأشعار الموزونةبتقطيع الأصوات على نسب منتظمة معروفةيوقّع كلّ صوت منها توقيعا عند قطعه فيكوننغمة. ثمّ تؤلّف تلك النّغم بعضها إلى بعضعلى نسب متعارفة فيلذّ سماعها لأجل ذلكالتّناسب و ما يحدث عنه من الكيفيّة في تلكالأصوات. و ذلك أنّه تبيّن في علم الموسيقىأنّ الأصوات تتناسب، فيكون صوت نصف صوت وربع آخر و خمس آخر و جزء من أحد عشر من آخر واختلاف هذه النّسب عند تأديتها إلى السّمعبخروجها (1) من البساطة إلى التّركيب و ليسكلّ تركيب منها ملذوذا عند السّماع بلللملذوذ تراكيب خاصّة و هي الّتي حصرهاأهل علم الموسيقى و تكلّموا عليها كما هومذكور في موضعه و قد يساوق ذلك التّلحين فيالنّغمات الغنائيّة بتقطيع أصوات أخرى منالجمادات إمّا بالقرع أو بالنّفخ فيالآلات تتّخذ لذلك فترى لها (2) لذّة عندالسّماع. فمنها لهذا العهد بالمغرب أصنافمنها المزمار و يسمّونه الشّبّابة و هيقصبة جوفاء بأبخاش في جوانبها معدودة ينفخفيها فتصوّت. فيخرج الصّوت من جوفها علىسداده من تلك الأبخاش و يقطّع الصّوت بوضعالأصابع من اليدين جميعا على تلك الأبخاشوضعا متعارفا حتّى تحدث النّسب بينالأصوات فيه و تتّصل كذلك متناسبة فيلتذّالسّمع بإدراكها للتّناسب الّذي
(1) و في نسخة أخرى: يخرجها.
(2) و في نسخة أخرى: فتزيدها.