الفصل السادس و الثلاثون في أن كثرةالاختصارات المؤلفة في العلوم مخلةبالتعليم
ذهب كثير من المتأخّرين إلى اختصارالطّرق و الأنحاء في العلوم يولعون بها ويدوّنون منها برنامجا مختصرا في كلّ علميشتمل على حصر مسائله و أدلّتها باختصارفي الألفاظ و حشو القليل منها بالمعانيالكثيرة من ذلك الفنّ. و صار ذلك مخلّابالبلاغة و عسرا على الفهم. و ربّما عمدواإلى الكتب الأمّهات المطوّلة في الفنونللتّفسير و البيان فاختصروها تقريباللحفظ كما فعله ابن الحاجب في الفقه و ابنمالك في العربيّة و الخونجيّ في المنطق وأمثالهم. و هو فساد في التّعليم و فيهإخلال بالتّحصيل و ذلك لأنّ فيه تخليطاعلى المبتدئ بإلقاء الغايات من العلم عليهو هو لم يستعدّ لقبولها بعد و هو من سوءالتّعليم كما سيأتي. ثمّ فيه مع ذلك شغلكبير على المتعلّم بتتبّع ألفاظ الاختصارالعويصة للفهم بتزاحم المعاني عليها وصعوبة استخراج المسائل من بينها. لأنّألفاظ المختصرات تجدها لأجل ذلك صعبةعويصة فينقطع في فهمها حظ صالح عن الوقت.ثمّ بعد ذلك فالملكة الحاصلة من التّعليمفي تلك المختصرات إذا تمّ على سداده و لمتعقبه آفة فهي ملكة قاصرة عن الملكاتالّتي تحصل من الموضوعات البسيطةالمطوّلة لكثرة ما يقع