الفصل الرابع و الخمسون في أنه لا تتفقالإجادة في فني المنظوم و المنثور معا إلاللأقل
و السّبب في ذلك أنّه كما بيّنّاه ملكة فياللّسان فإذا تسبّقت (2) إلى محلّه ملكةأخرى قصّرت بالمحلّ عن تمام الملكةاللّاحقة. لأنّ تمام (3) الملكات و حصولهاللطّبائع الّتي على الفطرة الأولى أسهل وأيسر. و إذا تقدّمتها ملكة أخرى كانتمنازعة لها في المادّة (4) القابلة و عائقةعن سرعة القبول فوقعت المنافاة و تعذّرالتّمام في الملكة و هذا موجود به فيالملكات الصّناعيّة كلّها على الإطلاق. وقد برهنّا عليه في موضعه بنحو من هذاالبرهان. فاعتبر مثله في اللّغات فإنّهاملكات اللّسان و هي بمنزلة الصّناعة. وانظر من تقدّم له شيء من العجمة كيف يكونقاصرا في اللّسان العربيّ أبدا. فالأعجميّالّذي سبقت له اللّغة الفارسيّة لا يستوليعلى ملكة اللّسان العربيّ و لا يزال قاصرافيه و لو تعلّمه و علّمه. و كذا البربريّ والرّوميّ. و الإفرنجيّ قلّ أن تجد أحدامنهم محكما لملكة اللّسان(1) و في نسخة أخرى: البديعية.(2) و في نسخة أخرى: سبقت.(3) و في نسخة أخرى: قبول.(4) و في نسخة أخرى: في المدة.