أربعا على كلّ واحد و تحمله أربع وصائف ويجلس عليه أربعة من النّاس فإذا طعمواأتبعوا أربعتهم المائدة بصحافها ووصفائها فقال الحجّاج: «يا غلام انحرالجزر و أطعم النّاس» (1) و علم أنّه لايستقلّ بهذه الأبّهة و كذلك كانت. و من هذاالباب أعطية بني أميّة و جوائزهم فإنّماكان أكثرها الإبل أخذا بمذاهب العرب وبداوتهم ثمّ كانت الجوائز في دولة بنيالعبّاس و العبيديّين من بعدهم ما علمت منأحمال المال و تخوت الثّياب و إعداد الخيلبمراكبها و هكذا كان شأن كتامة معالأغالبة بإفريقيّة و كذا بني طفج بمصر وشأن لمتونة مع ملوك الطّوائف بالأندلس والموحّدين كذلك و شأن زناتة مع الموحّدينو هلمّ جرّا تنتقل الحضارة من الدّولالسّالفة إلى الدّول الخالفة فانتقلتحضارة الفرس للعرب بني أميّة و بنيالعبّاس و انتقلت حضارة بني أميّةبالأندلس إلى ملوك المغرب من الموحّدين وزناتة لهذا العهد و انتقلت حضارة بنيالعبّاس إلى الدّيلم ثمّ إلى التّرك ثمّإلى السّلجوقيّة ثمّ إلى التّرك المماليكبمصر و التّتر بالعراقين و على قدر عظمالدّولة يكون شأنها في الحضارة إذ أمورالحضارة من توابع التّرف و التّرف منتوابع الثّروة و النّعمة و الثّروة والنّعمة من توابع الملك و مقدار ما يستوليعليه أهل الدّولة فعلى نسبة الملك يكونذلك كلّه فاعتبره و تفهّمه و تأمّله تجدهصحيحا في العمران «وَ الله وَارِثُالأَرْضِ وَ من عَلَيْهَا وَ هُوَ خَيْرُالْوَارِثِينَ».
الفصل السادس عشر في أن الترف يزيد الدولةفي أولها قوة إلى قوتها
و السّبب في ذلك أنّ القبيل إذا حصل لهمالملك و التّرف كثر التّناسل و الولد والعموميّة فكثرت العصابة و استكثروا أيضامن الموالي و الصّنائع و ربيت أجيالهم
(1) ان طبيعة الحجاج البدوية أبت التصنع والتكلف فأمر غلامه بذبح الجزر و إطعامالناس.