الفصل التاسع و الثلاثون في ضرب المكوسأواخر الدولة - تاریخ ابن خلدون جلد 1
لطفا منتظر باشید ...
المغارم و يزيدون في كلّ وظيفة و وزيعةمقدارا عظيما لتكثر لهم الجباية و يضعونالمكوس على المبايعات و في الأبواب كمانذكر بعد ثمّ تتدرّج الزّيادات فيهابمقدار بعد مقدار لتدرّج عوائد الدّولة فيالتّرف و كثرة الحاجات و الإنفاق بسببهحتّى تثقل المغارم على الرّعايا و تهضمهمو تصير عادة مفروضة لأنّ تلك الزّيادةتدرّجت قليلا قليلا و لم يشعر أحد بمنزادها على التّعيين و لا من هو واضعهاإنّما ثبت على الرّعايا في الاعتمار لذهابالأمل من نفوسهم بقلّة النّفع إذا قابلبين نفعه و مغارمه و بين ثمرته و فائدتهفتنقبض كثير من الأيدي عن الاعتمار جملةفتنقص جملة الجباية حينئذ بنقصان تلكالوزائع منها و ربّما يزيدون في مقدارالوظائف إذا رأوا ذلك النّقص في الجباية ويحسبونه جبرا لما نقص حتى تنتهي كلّ وظيفةو وزيعة إلى غاية ليس وراءها نفع و لافائدة لكثرة الإنفاق حينئذ في الاعتمار وكثرة المغارم و عدم وفاء الفائدة المرجوّةبه فلا تزال الجملة في نقص و مقدار الوزائعو الوظائف في زيادة لما يعتقدونه من جبرالجملة بها إلى أن ينتقص العمران بذهابالآمال من الاعتمار و يعود وبال ذلك علىالدّولة لأنّ فائدة الاعتمار عائدة إليهاو إذا فهمت ذلك علمت أنّ أقوى الأسباب فيالاعتمار تقليل مقدار الوظائف علىالمعتمرين ما أمكن فبذلك تنبسط النّفوسإليه لثقتها بإدراك المنفعة فيه و اللهسبحانه و تعالى «مالك الأمور كلها وبِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ 23: 88»(1)
الفصل التاسع و الثلاثون في ضرب المكوسأواخر الدولة
اعلم أنّ الدّولة تكون في أوّلها بدويّةكما قلنا فتكون لذلك قليلة الحاجات لعدمالتّرف و عوائده فيكون خرجها و إنفاقهاقليلا فيكون في الجباية حينئذ وفاء