في تلك من التّكرار و الإحالة المفيدينلحصول الملكة التّامّة. و إذا اقتصر علىالتّكرار قصّرت الملكة لقلّته كشأن هذهالموضوعات المختصرة فقصدوا إلى تسهيلالحفظ على المتعلّمين فأركبوهم صعبايقطعهم عن تحصيل الملكات النّافعة وتمكّنها. «و من يهد الله فلا مضلّ له و منيضلل فلا هادي له». و الله سبحانه و تعالىأعلم.
الفصل السابع و الثلاثون في وجه الصواب فيتعليم العلوم و طريق إفادته
اعلم أنّ تلقين العلوم للمتعلّمين إنّمايكون مفيدا إذا كان على التّدريج شيئافشيئا و قليلا قليلا يلقى عليه أوّلامسائل من كلّ باب من الفنّ هي أصول ذلكالباب. و يقرّب له في شرحها على سبيلالإجمال و يراعى في ذلك قوّة عقله واستعداده لقبول ما يرد (1) عليه حتّى ينتهيإلى آخر الفنّ و عند ذلك يحصل له ملكة فيذلك العلم إلّا أنّها جزئيّة و ضعيفة. وغايتها أنّها هيّأته لفهم الفنّ و تحصيلمسائله. ثمّ يرجع به إلى الفنّ ثانيةفيرفعه في التّلقين عن تلك الرّتبة إلىأعلى منها و يستوفي الشّرح و البيان و يخرجعن الإجمال و يذكر له ما هنالك من الخلاف ووجهه إلى أن ينتهي إلى آخر الفنّ فتجودملكته. ثمّ يرجع به و قد شدّ فلا يترك عويصاو لا مهمّا و لا مغلقا إلّا وضّحه و فتح لهمقفله فيخلص من الفنّ و قد استولى علىملكته هذا وجه التّعليم المفيد و هو كمارأيت إنّما يحصل في ثلاث تكرارات.
و قد يحصل للبعض في أقلّ من ذلك بحسب مايخلق له و يتيسّر عليه و قد شاهدنا كثيرامن المعلّمين لهذا العهد الّذي أدركنايجهلون طرق التّعليم و إفاداته و يحضرونللمتعلّم في أوّل تعليمه المسائل المقفلةمن العلم و يطالبونه بإحضار
(1) و في نسخة أخرى: يورد.