الفصل الخامس عشر في تأثل العقار و الضياعفي الأمصار و حال فوائدها و مستغلاتها
اعلم أنّ تأثّل العقار و الضّياع الكثيرةلأهل الأمصار و المدن لا يكون دفعة واحدة ولا في عصر واحد إذ ليس يكون لأحد منهم منالثّروة ما يملك به الأملاك الّتي تخرجقيمتها عن الحدّ و لو بلغت أحوالهم فيالرّفه ما عسى أن تبلغ.و إنّما يكون ملكهم و تأثّلهم لها تدريجاإمّا بالوراثة من آبائه و ذوي رحمه حتّىتتأدّى أملاك الكثيرين منهم إلى الواحد وأكثر لذلك (1) أو أن يكون بحوالة الأسواقفإنّ العقار في آخر الدّولة و أوّل الأخرىعند فناء الحامية و خرق السّياج و تداعيالمصر إلى الخراب تقلّ الغبطة به لقلّةالمنفعة فيها بتلاشي الأحوال فترخص قيمهاو تتملّك بالأثمان اليسيرة و تتخطّىبالميراث إلى ملك آخر و قد استجدّ المصرشبابه باستفحال الدّولة الثانية و انتظمتله أحوال رائقة حسنة تحصل معها الغبطة فيالعقار و الضياع لكثرة منافعها حينئذفتعظم قيمها و يكون لها خطر لم يكن فيالأوّل. و هذا معنى الحوالة فيها و يصبحمالكها من أغنى أهل المصر و ليس ذلك بسعيهو اكتسابه إذ قدرته تعجز عن مثل ذلك. و أمّافوائد(1) و في نسخة أخرى: كذلك.