الفصل الثامن و العشرون في علوم السحر والطلسمات
و هي علوم بكيفيّة استعدادات تقتدرالنّفوس البشريّة بها على التّأثيرات فيعالم العناصر إمّا بغير معين أو بمعين منالأمور السّماويّة و الأوّل هو السّحر والثّاني هو الطّلسمات و لمّا كانت هذهالعلوم مهجورة عند الشّرائع لما فيها منالضّرر و لما يشترط فيها من الوجهة إلى غيرالله من كوكب أو غيره كانت كتبهاكالمفقودة بين النّاس. إلّا ما وجد في كتبالأمم الأقدمين فيما قبل نبوة موسى عليهالسّلام مثل النّبط و الكلدانيّين فإنّجميع من تقدّمه من الأنبياء لم يشرعواالشّرائع و لا جاءوا بالأحكام إنّما كانتكتبهم مواعظ و توحيدا للَّه و تذكيرابالجنّة و النّار و كانت هذه العلوم في أهلبابل من السّريانيّين و الكلدانيّين و فيأهل مصر من القبط و غيرهم. و كان لهم فيهاالتّآليف و الآثار و لم يترجم لنا من كتبهمفيها إلّا القليل مثل الفلاحة النّبطيّةمن أوضاع أهل بابل فأخذ النّاس منها هذاالعلم و تفنّنوا فيه و وضعت بعد ذلكالأوضاع مثل مصاحف الكواكب السّبعة و كتابطمطم الهنديّ في صور الدّرج و الكواكب وغيرها. ثمّ ظهر بالمشرق جابر بن حيّان كبيرالسّحرة في هذه الملّة فتصفّح كتب القوم واستخرج الصّناعة و غاص في زبدتها واستخرجها و وضع فيها غيرها من التّآليف وأكثر الكلام فيها و في صناعة(1) و في النسخة الباريسية: و أنحائها