الفصل الثامن و الأربعون في أن لغة أهلالحضر و الأمصار لغة قائمة بنفسها للغةمضر
اعلم أنّ عرف التّخاطب في الأمصار و بينالحضر ليس بلغة مضر القديمة و لا بلغة أهلالجيل بل هي لغة أخرى قائمة بنفسها بعيدةعن لغة مضر و عن لغة هذا الجيل العربيّالّذي لعهدنا و هي عن لغة مضر أبعد. فأمّاإنّها لغة قائمة بنفسها فهو ظاهر يشهد لهما فيها من التّغاير الّذي يعدّ عند صناعةأهل النّحو لحنا.و هي مع ذلك تختلف باختلاف الأمصار فياصطلاحاتهم فلغة أهل المشرق مباينة بعضالشّيء للغة أهل المغرب و كذا أهلالأندلس معهما و كلّ منهم متوصّل بلغتهإلى تأدية مقصوده و الإبانة عمّا في نفسه.و هذا معنى اللّسان و اللّغة. و فقدانالإعراب ليس بضائر لهم كما قلناه في لغةالعرب لهذا العهد. و أمّا إنّها أبعد عناللّسان الأوّل من لغة هذا الجيل فلأنّالبعد عن اللّسان إنّما هو بمخالطة العجمة(1). فمن خالط العجم أكثر كانت لغته عن ذلكاللّسان الأصليّ أبعد لأنّ الملكة إنّماتحصل بالتّعليم كما قلناه. و هذه ملكةممتزجة من الملكة الأولى الّتي كانت للعربو من الملكة الثّانية الّتي للعجم. فعلىمقدار ما يسمعونه من العجم و يربون عليهيبعدون عن الملكة الأولى. و اعتبر ذلك فيأمصار إفريقية و المغرب و الأندلس والمشرق. أمّا إفريقية و المغرب فخالطتالعرب فيها البرابرة من(1) و في النسخة الباريسية: لمخالطة العجم.