الفصل الثالث في أن الخدمة ليست منالطبيعي - تاریخ ابن خلدون جلد 1
لطفا منتظر باشید ...
و إعدادها للأعواض إمّا بالتّغلّب بها فيالبلاد و احتكارها و ارتقاب حوالة الأسواقفيها. و يسمّى هذا تجارة. فهذه وجوه المعاشو أصنافه و هي معنى ما ذكره المحقّقون منأهل الأدب و الحكمة كالحريريّ و غيرهفإنّهم قالوا: «المعاش إمارة و تجارة وفلاحة و صناعة». فأمّا الإمارة فليستبمذهب طبيعيّ للمعاش فلا حاجة بنا إلىذكرها و قد تقدّم شيء من أحوال الجباياتالسّلطانيّة و أهلها في الفصل الثّاني. وأمّا الفلاحة و الصّناعة و التّجارة فهيوجوه طبيعيّة للمعاش أمّا الفلاحة فهيمتقدّمة عليها كلّها بالذّات إذ هي بسيطةو طبيعيّة فطريّة لا تحتاج إلى نظر و لاعلم و لهذا تنسب في الخليقة إلى آدم أبيالبشر و أنّه معلّمها و القائم عليهاإشارة إلى أنّها أقدم وجوه المعاش وأنسبها إلى الطّبيعة. و أمّا الصّنائع فهيثانيتها و متأخّرة عنها لأنّها مركّبة وعلميّة تصرف فيها الأفكار و الأنظار ولهذا لا يوجد غالبا إلّا في أهل الحضرالّذي هو متأخّر عن البدو و ثان عنه. و منهذا المعنى نسبت إلى إدريس الأب الثّانيللخليقة فإنّه مستنبطها لمن بعده من البشربالوحي من الله تعالى. و أمّا التّجارة وإن كانت طبيعة في الكسب فالأكثر من طرقها ومذاهبها إنّما هي تحيّلات في الحصول علىما بين القيمتين في الشّراء و البيع لتحصلفائدة الكسب من تلك الفضلة. و لذلك أباحالشّرع فيه المكاسبة (1) لما أنّه من بابالمقامرة إلّا أنّه ليس أخذ المال الغيرمجّانا فلهذا اختصّ بالمشروعيّة. و اللهأعلم.
الفصل الثالث في أن الخدمة ليست منالطبيعي
اعلم أنّ السّلطان لا بدّ له من اتّخاذالخدمة في سائر أبواب الإمارة و الملكالّذي هو بسبيله من الجنديّ و الشّرطيّ والكاتب. و يستكفي في كلّ باب بمن