الفصل الخامس و الخمسون في صناعة الشعر ووجه تعلمه
هذا الفنّ من فنون كلام العرب و هوالمسمّى بالشّعر عندهم و يوجد في سائراللّغات إلّا أنّنا الآن إنّما نتكلّم فيالشّعر الّذي للعرب. فإن أمكن أن تجد فيهأهل الألسن الأخرى مقصودهم من كلامهم وإلّا فلكلّ لسان أحكام في البلاغة تخصّه.و هو في لسان العرب غريب النّزعة عزيزالمنحى إذ هو كلام مفصّل قطعا قطعامتساوية في الوزن متّحدة في الحرف الأخيرمن كلّ قطعة و تسمّى كلّ قطعة من هذهالقطعات عندهم بيتا و يسمّى الحرف الأخيرالّذي تتّفق فيه رويّا و قافية و يسمّىجملة الكلام إلى آخره قصيدة و كلمة. وينفرد كلّ بيت منه بإفادته في تراكيبهحتّى كأنّه كلام وحده مستقلّ عمّا قبله وما بعده. و إذا أفرد كان تامّا في بابه فيمدح أو تشبيب (1) أو رثاء فيحرص الشّاعر علىإعطاء ذلك البيت ما يستقلّ في إفادته. ثمّيستأنف في البيت الآخر كلاما آخر كذلك ويستطرد للخروج من فنّ إلى فنّ و من مقصودإلى مقصود بأن يوطّئ المقصود الأوّل ومعانيه إلى أن يناسب المقصود الثّاني ويبعد الكلام عن التّنافر. كما يستطرد منالتّشبيب (1) إلى المدح و من وصف البيداء والطّلول إلى وصف الرّكاب أو الخيل أو(1) و في نسخة أخرى: نسيب.