الفصل السادس و الأربعون في أن الهرم إذانزل بالدولة لا يرتفع
قد قدّمنا ذكر العوارض المؤذنة بالهرم وأسبابه واحدا بعد واحد و بيّنّا أنّهاتحدث للدّولة بالطّبع و أنّها كلّها أمورطبيعيّة لها و إذا كان الهرم طبيعيّا فيالدّولة كان حدوثه بمثابة حدوث الأمورالطّبيعيّة كما يحدث الهرم في المزاجالحيوانيّ و الهرم من الأمراض المزمنةالّتي لا يمكن دواؤها و لا ارتفاعها لماأنّه طبيعيّ و الأمور الطّبيعيّة لاتتبدّل و قد يتنبّه كثير من أهل الدّولممّن له يقظة في السّياسة فيرى ما نزلبدولتهم من عوارض الهرم و يظنّ أنّه ممكنالارتفاع فيأخذ نفسه بتلافي الدّولة وإصلاح مزاجها عن ذلك الهرم و يحسبه أنّهلحقها بتقصير من قبله من أهل الدّولة وغفلتهم و ليس كذلك فإنّها أمور طبيعيّةللدّولة و العوائد هي المانعة له منتلافيها و العوائد منزلة طبيعيّة أخرىفإنّ من أدرك مثلا أباه و أكثر