الفصل الثالث و الثلاثون في شرح اسمالبابا و البطرك في الملة النصرانية و اسمالكوهن عند اليهود
اعلم أنّ الملّة لا بدّ لها من قائم عندغيبة النّبيّ يحملهم على أحكامها وشرائعها و يكون كالخليفة فيهم للنّبيّفيما جاء به من التّكاليف و النّوعالإنسانيّ أيضا بما تقدّم من ضرورةالسّياسة فيهم للاجتماع البشريّ لا بدّلهم من شخص يحملهم على مصالحهم و يزعهم عنمفاسدهم بالقهر و هو المسمّى بالملك والملّة الإسلاميّة لمّا كان الجهاد فيهامشروعا لعموم الدّعوة و حمل الكافّة علىدين الإسلام طوعا أو كرها اتّخذت فيهاالخلافة و الملك لتوجّه الشّوكة منالقائمين بها إليهما معا. و أمّا ما سوىالملّة الإسلاميّة فلم تكن دعوتهم عامّة ولا الجهاد عندهم مشروعا إلّا في المدافعةفقط فصار القائم بأمر الدّين فيها لايعنيه شيء من سياسة الملك و إنّما وقعالملك لمن وقع منهم بالعرض و لأمر غيردينيّ و هو ما اقتضته لهم العصبيّة لمافيها من الطّلب للملك بالطّبع لما قدّمناهلأنّهم غير مكلّفين بالتّغلّب على الأممكما في الملّة الإسلاميّة و إنّما هممطلوبون بإقامة دينهم في خاصّتهم.و لذلك بقي بنو إسرائيل من بعد موسى و يوشعصلوات الله عليهما نحو أربعمائة سنة لايعتنون بشيء من أمر الملك إنّما همّهمإقامة دينهم فقط و كان القائم به بينهميسمّى الكوهن كأنّه خليفة موسى صلوات اللهعليه يقيم لهم أمر