الفصل السابع في علم الفقه و ما يتبعه منالفرائض
الفقه معرفة أحكام الله تعالى في أفعالالمكلّفين بالوجوب و الحذر (1) و النّدب والكراهة و الإباحة و هي متلقّاة من الكتابو السّنّة و ما نصبه الشّارع لمعرفتها منالأدلّة فإذا استخرجت الأحكام من تلكالأدلّة قيل لها فقه. و كان السّلفيستخرجونها من تلك الأدلّة على اختلاففيما بينهم. و لا بدّ من وقوعه ضرورة.فإنّ الأدلّة غالبها من النّصوص و هي بلغةالعرب و في اقتضاءات ألفاظها لكثير منمعانيها و خصوصا الأحكام الشرعيّة اختلافبينهم معروف. و أيضا فالسّنّة مختلفةالطّرق في الثّبوت و تتعارض في الأكثرأحكامها فتحتاج إلى التّرجيح و هو مختلفأيضا. فالأدلّة من غير النّصوص مختلف فيهاو أيضا فالوقائع المتجدّدة لا توفّى بهاالنّصوص. و ما كان منها غير ظاهر فيالمنصوص (2) فيحمل على المنصوص لمشابهةبينهما و هذه كلّها إشارات (3) للخلافضروريّة الوقوع. و من هنا وقع الخلاف بينالسلف و الأئمّة من بعدهم. ثمّ إنّالصّحابة كلّهم لم يكونوا أهل فتيا و لاكان الدّين يؤخذ عن جميعهم. و إنّما كانذلك مختصّا بالحاملين للقرآن العارفينبناسخه و منسوخه و متشابهه و محكمه و سائردلالته بما تلقّوه من النّبيّ صلّى اللهعليه وسلّم أو ممّن سمعه منهم و من عليتهم.و كانوا يسمّون لذلك القرّاء أي الّذينيقرءون الكتاب لأنّ العرب كانوا أمّةأمّيّة، فاختصّ من كان منهم قارئا للكتاببهذا الاسم لغرابته يومئذ. و بقي الأمركذلك صدر الملّة. ثمّ عظمت أمصار الإسلام وذهبت الأمّيّة من العرب بممارسة الكتاب وتمكّن الاستنباط(1) و في نسخة أخرى: و الحظر.(2) و في نسخة أخرى: النصوص.(3) و في نسخة أخرى: مثارات.