تاریخ ابن خلدون جلد 1
لطفا منتظر باشید ...
النّساء و الولدان الّذين هم عيال على أبيمثواهم حتّى صار ذلك خلقا يتنزّل منزلةالطّبيعة و أهل البدو لتفرّدهم عن المجتمعو توحّشهم في الضّواحي و بعدهم عن الحاميةو انتباذهم عن الأسوار و الأبواب قائمونبالمدافعة عن أنفسهم لا يكلونها إلى سواهمو لا يثقون فيها بغيرهم فهم دائما يحملونالسّلاح و يتلفّتون عن كلّ جانب في الطّرقو يتجافون عن الهجوع إلّا غرارا فيالمجالس و على الرّجال و فوق الأقتاب ويتوجّسون للنّبئات (1) و الهيعات ويتفرّدون في القفر و البيداء مدلين بيأسهمواثقين بأنفسهم قد صار لهم البأس خلقا والشّجاعة سجيّة يرجعون إليها متى دعاهمداع أو استنفرهم صارخ و أهل الحضر مهماخالطوهم في البادية أو صاحبوهم في السّفرعيال عليهم لا يملكون معهم شيئا من أمرأنفسهم و ذلك مشاهد بالعيان حتّى في معرفةالنّواحي و الجهات و موارد المياه و مشارعالسّبل و سبب ذلك ما شرحناه و أصله أنّالإنسان ابن عوائده و مألوفه لا ابنطبيعته و مزاجه فالّذي ألفه في الأحوالحتّى صار خلقا و ملكة و عادة تنزّل منزلةالطّبيعة و الجبلة و اعتبر ذلك فيالآدميّين تجده كثيرا صحيحا و الله يخلقما يشاء.