تاریخ ابن خلدون جلد 1
لطفا منتظر باشید ...
الغير و الذّبّ عن الحوزة (1) أسوة فيطموحها و قوّة شكائمها و مرماهم إلى العزّجميعا يستطيبون الموت في بناء مجدهم ويؤثرون الهلكة على فساده و إذا انفردالواحد منهم بالمجد قرع عصبيّتهم و كبح منأعنّتهم و استأثر بالأموال دونهمفتكاسلوا عن الغزو و فشل ربحهم و رئموا (2)المذلّة و الاستعباد ثمّ ربي الجيلالثّاني منهم على ذلك يحسبون ما ينالهم منالعطاء أجرا من السّلطان لهم عن الحماية والمعونة لا يجري في عقولهم سواه و قل أنيستأجر أحد نفسه على الموت فيصير ذلك و هنافي الدّولة و خضدا من الشّوكة و تقبل بهعلى مناحي الضعف و الهرم لفساد العصبيّةبذهاب البأس من أهلها. و الوجه الثّاني أنّطبيعة الملك تقتضي التّرف كما قدّمناهفتكثر عوائدهم و تزيد نفقاتهم علىأعطياتهم و لا يفي دخلهم بخرجهم فالفقيرمنهم يهلك و المترف يستغرق عطاءه بترفهثمّ يزداد ذلك في أجيالهم المتأخّرة إلىأن يقصر العطاء كلّه عن التّرف و عوائده وتمسّهم الحاجة و تطالبهم ملوكهم بحصرنفقاتهم في الغزو و الحروب فلا يجدونوليجة (3) عنها فيوقعون بهم العقوبات وينتزعون ما في أيدي الكثير منهم يستأثرونبه عليهم أو يؤثرون به أبناءهم و صنائعدولتهم فيضعفونهم لذلك عن إقامة أحوالهم ويضعف صاحب الدّولة بضعفهم و أيضا إذا كثرالتّرف في الدّولة و صار عطاؤهم مقصّرا عنحاجاتهم و نفقاتهم احتاج صاحب الدّولةالّذي هو السّلطان إلى الزّيادة فيأعطياتهم حتّى يسدّ خللهم (4) و يزيح عللهمو الجباية مقدارها معلوم و لا تزيد و لاتنقص و إن زادت بما يستحدث من المكوس فيصيرمقدارها بعد الزّيادة محدودا فإذا وزّعتالجباية على الأعطيات و قد حدثت فيهاالزّيادة لكلّ واحد بما حدث من ترفهم وكثرة نفقاتهم نقص عدد الحامية حينئذ عمّاكان قبل زيادة الأعطيات ثمّ يعظم