تاریخ ابن خلدون جلد 1
لطفا منتظر باشید ...
و كمل الفقه و أصبح صناعة و علما فبدّلواباسم الفقهاء و العلماء من القرّاء. وانقسم الفقه فيهم إلى طريقتين: طريقة أهلالرّأي و القياس و هم أهل العراق و طريقةأهل الحديث و هم أهل الحجاز. و كان الحديثقليلا في أهل العراق لما قدّمناهفاستكثروا من القياس و مهروا فيه فلذلكقيل أهل الرّأي. و مقدّم جماعتهم الّذياستقرّ المذهب فيه و في أصحابه أبو حنيفة وإمام أهل الحجاز مالك بن أنس و الشّافعيّمن بعده. ثمّ أنكر القياس طائفة من العلماءو أبطلوا العمل به وهم الظّاهريّة. و جعلواالمدارك (1) كلّها منحصرة في النّصوص والإجماع و ردّوا القياس الجليّ و العلّةالمنصوصة إلى النّصّ، لأنّ النّصّ علىالعلّة نصّ على الحكم في جميع محالّها. وكان إمام هذا المذهب داود بن عليّ و ابنه وأصحابهما. و كانت هذه المذاهب الثّلاثة هيمذاهب الجمهور المشتهرة بين الأمّة. و شذّأهل البيت بمذاهب ابتدعوها و فقه انفردوابه و بنوه على مذهبهم في تناول بعضالصّحابة بالقدح، و على قولهم بعصمةالأئمّة و رفع الخلاف عن أقوالهم و هيكلّها أصول واهية و شذّ بمثل ذلك الخوارج ولم يحتفل (2) الجمهور بمذاهبهم بل أوسعوهاجانب الإنكار و القدح. فلا نعرف شيئا منمذاهبهم و لا نروي كتبهم و لا أثر لشيءمنها إلّا في مواطنهم. فكتب الشّيعة فيبلادهم و حيث كانت دولتهم (3) قائمة فيالمغرب و المشرق و اليمن و الخوارج كذلك. ولكلّ منهم كتب و تآليف و آراء في الفقهغريبة. ثمّ درس مذهب أهل الظّاهر اليومبدروس أئمّته و إنكار الجمهور على منتحلهو لم يبق إلّا في الكتب المجلّدة (4) و ربّمايعكف كثير من الطّالبين ممّن تكلّفبانتحال مذهبهم على تلك الكتب يروم أخذفقههم منها و مذهبهم فلا يخلو بطائل و يصيرإلى مخالفة الجمهور و إنكارهم عليه وربّما عدّ بهذه النّحلة من أهل