تاریخ ابن خلدون جلد 1
لطفا منتظر باشید ...
الّذي فيه صلاح آخرتنا أو في معاشنا الّذيفيه صلاح دنيانا و ما لا يهمّنا في شيءمنهما فإن كان فيه ضرر أو نوع ضرر كالسّحرالحاصل ضرره بالوقوع و يلحق به الطّلسماتلأنّ أثرهما واحد و كالنّجامة الّتي فيهانوع ضرر باعتقاد التّأثير فتفسد العقيدةالإيمانيّة بردّ الأمور إلى غير اللهفيكون حينئذ ذلك الفعل محظورا على نسبتهفي الضّرر. و إن لم يكن مهمّا علينا و لافيه ضرر فلا أقلّ من تركه قربة إلى اللهفإنّ من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه.فجعلت الشّريعة باب السّحر و الطّلسمات والشّعوذة بابا واحدا لما فيها من الضّرر وخصّته بالحظر و التّحريم.و أمّا الفرق عندهم بين المعجزة و السّحرفالّذي ذكره المتكلّمون أنّه راجع إلىالتّحدّي و هو دعوى وقوعها على وفق ماادّعاه. قالوا: و السّاحر مصروف عن مثل هذاالتّحدّي فلا يقع منه. و وقوع المعجزة علىوفق دعوى الكاذب غير مقدور لأنّ دلالةالمعجزة على الصّدق عقليّة لأنّ صفة نفسهاالتّصديق فلو وقعت مع الكذب لاستحالالصّادق كاذبا و هو محال فإذا لا تقعالمعجزة مع الكاذب بإطلاق. و أمّا الحكماءفالفرق بينهما عندهم كما ذكرناه فرق مابين الخير و الشّرّ في نهاية الطّرفين.فالسّاحر لا يصدر منه الخير و لا يستعمل فيأسباب الخير و صاحب المعجزة لا يصدر منهالشّرّ و لا يستعمل في أسباب الشّرّ وكأنّهما على طرفي النّقيض في أصل فطرتهما.و الله يهدي من يشاء و هو القويّ العزيز لاربّ سواه و من قبيل هذه التّأثيراتالنّفسيّة الإصابة بالعين و هو تأثير مننفس المعيان عند ما يستحسن بعينه مدركا منالذّوات أو الأحوال و يفرط في استحسانه وينشأ عن ذلك الاستحسان حسد يروم معه سلبذلك الشّيء عمّن اتّصف به فيؤثّر فساده.و هو جبلّة فطريّة أعني هذه الإصابةبالعين. و الفرق بينها و بين التّأثيراتالنفسانيّة أنّ صدوره فطريّ جبلي لايتخلّف و لا يرجع اختيار صاحبه و لايكتسبه. و سائر التّأثيرات و إن كان منهاما لا يكتسب فصدورها راجع إلى اختيارفاعلها و الفطريّ منها قوّة صدورها و لهذاقالوا: القاتل بالسّحر أو بالكرامة