تفسیر نور الثقلین جلد 4
لطفا منتظر باشید ...
دخل الارض و الظلمات و حتى نظر النجوم و مجاريها ؟ قلت : فكيف وقع هذا العلم الذي زعمت أن الحكماء من الناس وضعوه ، و ان الناس كلهم مولدون به ؟ و كيف عرفوا ذلك الحساب و هو أقدم منهم ؟ قال : ما أجده يستقيم أن أقول ان أحدا من الناس يعلم علم هذه النجوم المعلقة في السماء بتعليم أحد من الناس ، قلت : لابد لك ان تقول : انما علمه حكيم عليم بامر السماء و الارض و مدبرها قال : ان قلت هذا فقد أقررت بإلهك الذي تزعم ، أنى أعلم أنه لابد لهذا الحساب من معلم و ان قلت : ان أحدا من أهل الارض علم ذلك من معلم من أهل الارض لقد أبطلت ، الا أن علم الارض لا يكون عندنا الا بالحواس و لا يقع علم الحواس في علم النجوم و هي معلقة تغيب مرة و تطلع أخرى ، تجري تحت الارض كما تجري في السماء و ما زادت الحواس على أكثر من النظر إلى طالعها إذا طلع و إلى غائبها إذا غاب ، فأما حسابها و دقايقها و سعودها و نحوسها و سريعها و بطيئها فلا يقدر عليه الحواس ، قلت : فأخبرني لو كنت متعلما مستوصفا لهذا الحساب من أهل الارض أحب إليك أن تستوصفه و تتعلمه أم من أهل السماء ؟ قال : من أهل السماء إذا كانت النجوم معلقة فيها ، حيث لا يعلمها أهل الارض قلت : فافهم ألطف النظر و لا يغلبنك الهوى أ ليس تعلم أنه إذا كان أهل الدنيا يولدون بهذه النجوم ، ان النجوم قبل الناس ، فإذا أقررت بذلك انكسر عليك أن تعلم علمها من عالم منهم إذا كان العالم و هم انما ولدوا بها بعدها ، و انها قبلهم خلقت ؟ قال : بلى ، قلت : و كذلك الارض كانت قبلهم ايضا ؟ قال : نعم ، قلت : لانه لو لم يكن الارض خلقت لما استقام ان يكون الناس و لا غيرهم من الخلق عليها الا ان يكون لها أجنحة ، اذ لم يكن لها مستقر تأوي اليه و لا ملسعة ترجع إليها ، و كذلك الفلك قبل النجوم و الشمس و القمر لانه لو لا الفلك لم تدر البروج و لم تستقل مرة و تهبط أخرى .قال : نعم هو كما قلت فقد أقررت بان خالق النجوم التي يتولد الناس بها هو خالق السماء و الارض ، لانه لو لم يكن سماء و لا ارض لم يكن دوران الفلك ، اذ ليس ( 1 ) ينبغى لك ان يدلك عقلك على أن الذي خلق السماء هو الذي خلق الارض و الفلك و الدوران