قوله تعالى : وقال انى ذاهب الى ربى سيهدين
كثرت الماشية و الزرع حتى لم يكن بأرض كوثى ربا رجل أحسن حالا منه ، و ان إبراهيم عليه السلام لما كسر أصنام نمرود أمر به نمرود فأوثق و عمل له حيرا ( 1 ) و جمع له فيه الحطب و الهب فيه النار ، ثم قذف إبراهيم عليه السلام في النار لتحرقه ثم اعتزلوها حتى خمدت النار ، ثم أشرفوا على الحير فإذا هم بإبراهيم عليه السلام سليما مطلقا من وثاقه فأخبر نمرود خبره فأمرهم ان ينفوا إبراهيم من بلاده و ان يمنعوه من الخروج بماشيته و ماله فحاجهم إبراهيم عليه السلام عند ذلك فقال ان أخذتم ماشيتى و مالي فان حقى عليكم ان تردوا على ما ذهب من عمرى في بلادكم ، و اختصموا إلى قاضى نمرود فقضى على إبراهيم ان يسلم إليهم جميع ما أصاب في بلادهم و قضى على أصحاب نمرود ان يردوا على إبراهيم عليه السلام ما ذهب من عمره في بلادهم .فأخبر ذلك نمرود فأمرهم ان يخلوا سبيله و سبيل ماشيته و ماله و أن يخرجوه ، و قال : انه ان بقي في بلادكم أفسد دينكم و أضر بآلهتكم فأخرجوا إبراهيم و لوطا معه عليهما السلام من بلادهم إلى الشام ، فخرج إبراهيم و معه لوط لا يفارقه و سارة و قال لهم : انى ذاهب إلى ربي سيهدين يعنى بيت المقدس فتحمل إبراهيم عليه السلام بماشيته و ماله و عمل تابوتا و جعل فيه سارة و شد عليها الاغلاق غيرة منه عليها ، و مضى حتى خرج من سلطان نمرود و صار إلى سلطان رجل من القبط يقال له عرارة فمر بعاشر ( 2 ) له فاعترضه العاشر ليعشر ما معه ، فلما انتهى إلى العاشر و معه التابوت قال العاشر لابراهيم : افتح هذا التابوت حتى نعشر ما فيه ، فقال له إبراهيم قل ما شئت فيه من ذهب أو فضة حتى نعطى عشره و لا تفتحه ، قال : فأبى العاشر الا فتحه قال : و غضب إبراهيم على فتحه ، فلما بدت له سارة و كانت موصوفة بالحسن و الجمال قال له العاشر : ما هذه المرأة منك ؟ قال إبراهيم : هى حرمتى و ابنة خالتى فقال له العاشر : فما دعاك إلى ان خبيتها في هذا التابوت ؟ فقال إبراهيم عليه السلام : الغيرة عليها ان يراها أحد ، فقال له العاشر : لست أدعك تبرح حتى أعلم الملك حالها و حالك ، قال : فبعث رسولا إلى الملك فأعلمه ، فبعث الملك رسولا من قبله1 - الحير : شبه الحظيرة .2 - اى ملتزم أخذ العشر .