تفسیر نور الثقلین جلد 4
لطفا منتظر باشید ...
و بين عدوهم ، و كان التابوت في بني إسرائيل كما قال الله عز و جل : ( فيه سكينة من ربكم و بقية مما ترك آل موسى و آل هارون تحمله الملائكة ) و قد كان رفع بعد موسى عليه السلام لما عملت بنوا إسرائيل بالمعاصي ، فلما غلبهم جالوت و سألوا النبي أن يبعث إليهم ملكا يقاتل في سبيل الله تقدس وجهه بعث إليهم طالوت و أنزل عليهم التابوت و كان التابوت إذا وضع بين بني إسرائيل و بين أعدائهم و رجع عن التابوت إنسان كفر و قتل و لا يرجع أحد عنه الا و يقتل أو يقتل ، فكتب داود عليه السلام إلى صاحبه الذي بعثه ان ضع التابوت بينك و بين عدوك .و قدم أوريا بن حيان بين يدى التابوت فقدمه و قتل ، فلما قتل أوريا دخل عليه الملكان و قعدا و لم يكن تزوج إمرأة أوريا و كانت في عدتها ، و داود في محرابه يوم عبادته ، فدخل الملكان من سقف البيت و قعدا بين يديه ، ففزع داود منهما فقالا : ( لا تخف خصمان بغى بعضنا على بعض فاحكم بيننا بالحق و لا تشطط و اهدنا إلى سواء الصراط ) و لداود حينئذ تسعة و تسعون إمرأة ما بين مهيرة ( 1 ) إلى جارية ، فقال : أحدهما لداود : ( ان هذا أخى له تسع و تسعون نعجة ولي نعجة واحدة فقال أكفلنيها و عزني في الخطاب اى ظلمني و قهرنى فقال داود كما حكى الله عز و جل : ( لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه ) إلى قوله و خر راكعا و أناب ) قال : فضحك المستعدي عليه من الملائكة و قال : حكم الرجل على نفسه ، فقال داود : أ تضحك و قد عصيت ؟ لقد هممت ان أهشم فاك ( 2 ) قال : فعرجا و قال الملك المستعدي عليه : لو علم داود انه أحق ان يهشم فاه منى ، ففهم داود الامر و ذكر الخطيئة فبقى أربعين يوما ساجدا يبكى ليله و نهاره و لا يقوم الا وقت الصلوة حتى انخرق جبينه و سال الدم من عينيه .فلما كان بعد أربعين يوما نودى : يا داود مالك أ جائع أنت فنشبعك أو ظمآن فنسقيك ام عريان فنكسوك ، ام خائف فنؤمنك ؟ فقال : اى رب و كيف لا أخاف و قد عملت ما عملت و أنت الحكم العدل الذي لا يجوزك ظلم ظالم ؟ فأوحى الله عز و جل اليه تب يا داود فقال اى رب وأنى لي بالتوبة ؟ قال : صر إلى قبر أوريا حتى أبعثه إليك و اسئله أن يغفر لك ، فان غفر لك غفرت لك