الأوّل: إنّ العرض الذاتي يجب أن يكون مساوياً لموضوعه، لا أعمّمنه ولا أخص على ما مرّ، إذ لو كان أعمّمن الموضوع للزم لغوية القيد المأخوذ في الموضوع، ولو كان أخص، للزم عدم إفادة اليقين.
الثاني: أنّ العرض الذاتي الذي يعرض الموضوع بواسطة أمر مساو، عرض ذاتي بشرط أن يكون الموضوع مأخوذاً في حدّالواسطة كالبساطة العارضة للموجود بواسطة الواجب، فهي عَرَضٌ ذاتيٌّ للموجود لأنّ الموجود مأخوذ في حدّ الواجب على ما عرفت.
وأمّا إذا كان الموضوع غير مأخوذ في حدّالواسطة، فما يعرضه بها لا يكون عرضاً ذاتياً، كعروض السواد للغراب بواسطة ريشه.
هذا خلاصة القول في العرض الذاتي، غير أنّ هنا نكتة يجب التنبيه عليها و هي أنّما ذكرناه من أنّشرط كون القضايا يقينية هو أن يجتمع فيها شروط أربعة: كون النسبة ضرورية أوّلاً، و دائمة الصدق ثانياً، و كلية الصدق ثالثاً، و كون المحمول من العوارض الذاتية للموضوع رابعاً; إنّما يختص بالعلوم الحقيقية (1) ولا يعم العلوم الإعتبارية، لأنّ الاعتباريات قائمة بلحاظ المعتبر، و تتغيّر بتغيير الاعتبار، ولا يمكن أن تكون ضرورية الصدق و دائمته و كليته.
وبذلك يتضح أنّ الأُمور الإعتبارية لا يقام عليها البرهان العقلي بالشكل الذي يقام في العلوم الحقيقية . فإنّ الموضوع فيها ليس من علل وجود المحمول حقيقة إلاّبالإعتبار والمواضعة، و تدوم العليةمادام الاعتبار قائماً (2)فإذا زال، زالت
(1) العلوم الحقيقية لاتتبدّل في زمان ولاحال، لاحظها اللاحظ أم لا، مثلاً، قولنا: «كل معلول يحتاج إلى علة» ، أو «زوايا المثلث تساوي 180 درجة، فانّالشروط الثلاثة مجتمعة فيها، ضرورة الصدق و دائميته و كليته. (2) مثل كون القيام لشخص عند قدومه احترام، و الدخول عليه من دون نزع القبعة إهانة، و نحو ذلك فانّ هذه الاعتباريات تتبدل بتبدل الاعتبارات.