يلاحظ عليه: أنّ المراد من التمايز هل هو التمايز في مقام الثبوت، أو في مقام الإثبات.
فعلى الأوّل، فكلّ علم يتميّز عن غيره بخصوصية موجودة فيه، وهي إمّا متحقّقة في موضوعه أو محموله الذي نُعبّر عنه بجهة البحث، و ليس هناك أيّ أثر من التدوين حتّى يكون الميز بغرضه.
وعلى الثاني : فانّما يصحّ التميّز به بشرطين:
1ـ أن لا يسبقه الميز بالموضوع، حتّى في مقام التدوين كما في معرفة النفس، ومعرفة البدن، فانّ مسائل العلمين تنادي بالتمايز في رتبة الذات فلا تصل النوبة إلى التميّز بالغرض.
2ـ إذا كان هناك علمان مختلطان ـ مدوّنان بصورة علم واحد، لكن كان يحمل غرضين متعدّدين، يترتّب كلّ على بعض مسائله فيصحّ بوجه أن يقال: إنّالتمايز بالأغراض و هذا كما إذا افترضنا أنّعلمي النحو والصرف، كانا يدرّسان بصورة واحدة، و لمّا كانت صيانة اللسان عن اللحن في الإعراب والبناء غير صيانته عن اللحن من حيث الصحّة والاعتلال، صار ذلك موجباً لتفكيك ذاك عن آخر، و جعلهما علمين متمايزين. و مع ذلك كلّه ، فالغرض ، صار محرّكاً للإفراد و التفكيك، لكن مسائل العلمين متمايزة بالموضوع ، أو بالمحمول أي جهة البحث فنسبة التمايز إلى جواهر العلم أولى من نسبته إلى الغرض المحرّك للإفراد في التدوين.
و ربّما يتقوّى غرض في ذهن الإنسان و يكون سبباً، للتفتيش عن المسائل التي تحصّل ذلك الغرض و تصير المسائل المبعثرة لأجل تأمين غرض واحد علماً ـ