بإرادة أُخرى و إلاّلتسلسلت ـ ليست باختيارية».(1) توضيحه: إنّ الأمر بالشيء فرع كونه أمراً اختيارياً، و الأمر الاختياري ما كان مسبوقاً بالإرادة و لايمكن أن تكون الإرادة مسبوقة بها، لانّه يستلزم التسلسل، إذ اختيارية الإرادة تتوقّف على سبق إرادة ثانية و ثالثة و رابعة فهلمّ جرّاً، و إذا لم تكن أمراً اختيارياً، لا تقع تحت دائرة الطلب. يلاحظ عليه أوّلاً: أنّ الميزان في اختيارية الشيء لا ينحصر في كونه مسبوقاً بالإرادة ، بل يكفي في ذلك كونه صادراً عن نفس مختارة بالذات، غير مجبورة، في فعلها، و لذلك قلنا عند البحث عن الجبر و التفويض أنّ أفعال النفس برمّتها أفعال اختيارية صادرة عن ذات مختارة بالذات، و إن لم تكن صادرة من إرادة سابقة. و بعبارة أُخرى: أنّاختيارية كلّ شيء بالإرادة و الإرادة اختيارية بالذات، و كلّ ما هو مختار بالعرض لابد و أن ينتهى إلى ما هو مختار بالذات. و إن شئت فاستوضح الحال من أفعال الباري، فانّ كلّ فعل يصدر منه، غيرمسبوق بإرادة حادثة جزئية، و إلاّ يلزم أن تكون ذاته معرضاً للحوادث، و مع ذلك فأفعاله التكوينية كلّها أفعال اختيارية لصدورها عن ذات مختارة بالذات، غير مُلجأ في شيء. ثانياً: لو كانت الإرادة أمراً غير اختياري، للزم عدم صحّة جعلها قيداً أيضاً، مع أنّه خصّ الإشكال بصورة الجزء، و هو مشترك بين كونه جزءاً و شرطاً. و ثالثاً: أنّ تحصيل قصد الأمر إذا لم يكن واجباً شرعياً، فهو واجب عقلي، لتوقّف تحصيل غرض المولى عليه. و لو كانت أمراً غير اختياري لما تعلّق عليه حكم العقل بالتحصيل، إذ لا فرق في عدم صحّة تعلّق التكليف بالأمر الخارج