يلاحظ على ما ذكره في مقام الثبوت: أوّلاً: أنّالتقسيم حسب الثبوت لابدّ أن يكون مقدمة للإثبات. والعلم بهذه الأقسام، ممّا لا يمكن عادة و ليست الأدلّة ناظرة إليها ، إلاّما ورد في باب التيمّم، من قوله ـ عليه السَّلام ـ : «التيمّم أحد الطهورين»(1) فيختصّ ذلك التقسيم بباب خاص مع أنّ الهدف بيان حكم كلّ الأعذار. وثانياً: أنّه لم يعلم وجه تعيّن البدار في رابع الأقسام فانّه إذا كان الباقي يمكن استيفاؤه بعد ارتفاع العذر فلا دليل على تعيّن البدار، بل يجوز له أن يصبر إلى أن يرتفع العذر فيأتي بما هو وظيفة المختار. و ثالثاً: ما أفاده بعض المحقّقين من أنّالتخيير في الصورة الثالثة غير معقول، لأنّ الشارع إذا لم يكتف بالعمل الناقص في أوّل الوقت، و أوجب على المكلّف الإتيان بالعمل التام الاختياري بعد ارتفاع الاضطرار والعذر، سواء أتى المكلّف بالعمل الاضطراري الناقص في أوّل الوقت، أم لم يأت به، فبطبيعة الحال لا معنى لإيجابه العمل الاضطراري الناقص و إلزام المكلّف بإتيانه و لو على نحو التخيير، فانّه بلا ملاك يقتضيه حيث إنّه لا يترتّب على وجوبه أثر.(2) و يمكن دفعه بأنّ تسويغ البدار بالناقص مع لزوم الإتيان بالكامل في آخر الوقت بعد ارتفاع العذر، لأجل ترتّب رجحان ما، عليه غير واف بمصلحة الفرد التام، فيصحّ تسويغه و الحكم بجواز الإتيان به مع لزوم الإتيان بالفرد التام في آخر الوقت. فيكون الناقص أشبه ببدل الحيلولة إذا لم يتمكّن الإنسان من أداء العين عاجلاً، فيلجأ إلى الناقص، إلى أن يتمكّن من الكامل. والفرد الناقص، و إن لم يشتمل على تمام المصلحة، لكنّه مشتمل على مصلحة تامّة راجحة هذا كلّه حول ما ذكر في مقام الثبوت.
(1) الوسائل: 2/كتاب الطهارة، الباب 23 من أبواب التيمم، الحديث 5.(2) لاحظ المحاضرات:2/233.