خطاب الجاهل فعلاً. و لو صحّت فعلية الخطاب على نحو الدعوة العامة كما سنوضحها في مبحث الترتّب، فلا يصحّ تنجّزه، بمعنى ترتّب المثوبة على الطاعة، والعقوبة على المخالفة. وإن كان الملاك اكتفاء المولى بما أتى به العبد ناقصاً، و عدم طلبه المصداق كاملاً، فليس هذا أمراً بدعا، فقد اتّفق الكلّ على سقوط بعض الأجزاء و الشرائط عن المطلوبية بعد الإتيان بالفرد الناقص من الصلاة، لحديث «لا تعاد الصلاة إلاّمن خمس»(1) فلو أتى بالصلاة بلا سورة جهلاً أو نسياناً فصلاته صحيحة بلا إشكال. وبالجملة، لا وجه لاتّـهام القائل بالإجزاء في مورد قيام الأمارة على خلاف الواقع ، بالتصويب، لعدم ملاكه في بعض الحالات، و اشتراكه فيه بين القائل بالإجزاء و عدمه في بعض آخر. وأمّا على الصورة الثانية، فلو قام الأصل على طهارة ثوب، و كان الواقع على خلافه، فانّه لا يوجب تخصيصاً في أدلّة النجاسات، كقول الإمام ـ عليه السَّلام ـ :«إغسل ثوبك من أبوال مالا يؤكل لحمه»(2) فانّه يفهم منه نجاسة هذه الأبوال مطلقاً، لا في حالة العلم فقط ليحكم بعدم نجاستها في حالة الشكّ. بل مفاد أصالة الطهارة أنّالثوب محكوم بالطهارة ظاهراً، مادام المكلّف جاهلاً، مع كونه على ما هو عليه في الواقع. فإذا اقترن مفاد الأصل إلى أدلّة الأجزاء والشرائط، يستظهر منه أنّما هو الشرط للصلاة واقعاً، ليس هو الطهارة الواقعية بل الأعم منها و من الظاهرية. فلو صلّى في ثوب طاهر طهارة ظاهرية، فقد صلّى واجداً للشرط واقعاً، ولا يصحّ أن يقال في حقّه: إنّصلاته كانت فاقدة لشرطها. نعم، هي فاقدة للطهارة الواقعية، لا أنّها فاقدة لشرطها. فحديث التخصيص بالنسبة إلى أدلّة النجاسات، منتف. و أمّا توسيع شرط الصلاة إلى الأعمّ من الطهارة الظاهرية والواقعية فليس هو بتصويب، بل حكومة دليل على دليل.
(1) وسائل الشيعة:ج4، كتاب الصلاة، الباب العاشر من أبواب الركوع، الحديث 5.(2) الوسائل: ج2، كتاب الطهارة، الباب الثامن من أبواب النجاسات، الحديث 2.